تتفق جميع الأديان السماوية في التأكيد على حشمة المرأة وأهمية الحفاظ على عفتها واحترامها، وفي عصرنا الحديث وقيمه المتعارضة تجاه الحجاب الذي أصبح اشكالية لدى البعض بعد تغير المفاهيم القيمية في المجتمعات، إذ تحول رمز التستر والتحشم إلى علامة لتقييد حرية المرأة في نظر بعض المجتمعات غير الاسلامية التي استغلت فيها المرأة جراء ذلك حرمانها من انسانيتها ونقاءها في التحشم في ابشع عمليات الاستغلال الجسدي والنفسي، ونتيجة مفاهيم الحرية المزعومة انتزعت انسانيتها من كيان مستقل إلى بضاعة تخضع للعرض والطلب، فالحجاب الذي يعني الحشمة بمفهومه الواسع هو أن تخرج المرأة أو الفتاة للحياة كإنسانة وليس كأنثى فحسب ويعاملها المجتمع وفق هذا المنظور، والإصرار على ارتداء الملابس ذات الألوان اللافتة اللامعة الضيقة واستخدام أدوات الزينة ووسائلها المتعددة بإسم الحرية، هو فعل يتنافى تماما مع التعاليم الاسلامية.

والحجاب هنا ليس غطاء للمرأة فحسب وإنما هو مجموعة آداب وسلوكيات يجب على المرأة ان تتخذها وتلتزم بها منهاجا لحياتها، من هنا انطلقت مجلة (للقوارير) رحلتها مع طالبات الجامعات واستقراء أفكارهن حول مفهوم الحجاب واهميته القيمية والاخلاقية للفتاة:

الحجاب اسلوب حياة

الطالبة أمل محمد أكدت أن الحجاب ليس ثوبا فحسب بل هو اسلوب حياة تنتهجه الفتاة لحماية نفسها ولكي تظل دائما محط احترام وتقدير في المجتمع، مبينة أن الفتاة المتحجبة عليها أن تعكس تربيتها البيتية التي الزمتها منذ الصغر على معنى وفائدة الحجاب للفتاة، وأشارت أمل أن بعض الفتيات أخطأن التعرف على مفهوم ومعنى الحجاب في حياة المرأة عموما.

وهنا تكمل الطالبة زهراء علي محمد على ما قالته زميلتها لتضيف أن هنالك ظواهر شاذة لدى بعض الفتيات المحجبات وخاصة هنا في الجامعة انهن يتناسين كونهن محتشمات فيقومن يرفع أصواتهن وينتهجن سلوكا منفتحا دون النظر كونهن نساء يحملن شعار الحجاب كفعل وسلوك، وتعتقد زهراء أن مثل هؤلاء الفتيات يقصدن لفت الانظار اليهن خوفا من العنوسة أو ما شابه ذلك.

صيانة المرأة وعفتها

الطالبة هناء كاظم لها رأي جميل تقول فيها أن البعض من الناس يعتبرون أن الحجاب موضة قديمة أكل عليها الدهر وشرب متناسين أن الحجاب هو أصل ملبس المرأة منذ القدم والزمه ديننا الحنيف صيانة لعفة المرأة وهويتها في المجتمع الذي يمنحها واجب الاحترام من الرجال الذين في قلوبهم مرض، وبينت زميلتها روى محمد أن البعض يعتبر أن الحجاب رمزا للتخلف والانغلاق وفق رؤية ضيقة متناسين أن المرأة المحجبة شاركت في كل مجالات الحياة وهنالك أمثلة كثيرة فنجد نساء برعن في مجال الرياضة وتمسكن باللبس المحتشم في الخوض في المسابقات الرياضة وحققن بطولات وكذلك في الفن الهادف وفي مجال العلوم والأدب والثقافة.

أما الطالبة حنين عادل محمد فقدت أكدت أن الحجاب وحشمة المرأة في ملبسها وسلوكها هي الفطرة السليمة التي منحها الله (عز وجل) للمرأة لتكون غالية وعالية المقام في المجتمع، مشيرة أن الرقي ليس في اللبس الفاضح وإظهار المفاتن لجسد المرأة أمام الرجال وهي محاولات لنزع فطرة الإنسان، ولنا عبرة في قوله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم: "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ".


الدلالات الجوهرية للحجاب

أما طالبة الدكتوراه آمال ابراهيم فقد أشارت إلى أن الله سبحانه وتعالى حين فرض الحجاب ليس عن عبث وإنما يحمل دلالات عظيمة للمرأة لإعلاء شأنها في المجتمع فقد كان في العصور ما قبل الاسلام أن حدث ولادة الانثى يعني وفق منظور تلك المجتمعات الغابرة هي العار والمذلة ولنا في كتاب الله سبحانه وتعالى قدوة حين قال في احدى آياته الكريمة قال تعالى: "إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ(58) يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ". هكذا كان الحال فقد كانت المرأة عبارة عن جارية وخادمة ليس لها دور يذكر الا القليل من شهد لهن التاريخ، مضيفة أن التاريخ الاسلامي منح حرية المرأة وفق قياسات تحفظ للمرأة شرفها وعفتها ودخلن في معترك الحياة ونجحن في أعمالهن، والتاريخ سجل لهن صفحات مشرقة، ولنا في السيدة زينب (عليها السلام) أسوة حسنة فقد كانت الصوت الهادر والثورة الكبيرة ضد الظلم والطغيان وغيرها من نساء المسلمين لا يسع ذكرهن.

 

وظائف عديدة للحجاب

سرى فاضل أعطت للحجاب معنى واسع حين قالت: الحجاب مفهوم عميق لا يقتصر فقط على وظيفة واحدة وهو تغطية رأس المرأة كما يظنه البعض بل يشتمل على وظيفتين مترابطتين وهما وظيفة خارجية وهي المتعلقة بما ترتديه المرأة من ثياب يجب أن تكون ساترة لجميع أجزاء جسدها أي تكون الثياب محتشمة طويلة لا ضيقة ولا قصيرة، وهذا الشرط موجود ضمن شروط الحجاب الاسلامي، ووظيفة أخرى داخلية وهي عفة النفس والحياء، وتؤكد سرى أن ما نراه اليوم في الجامعات للأسف هنالك شريحة كبيرة من النساء لا يطبقن مفهوم الحجاب بالشكل الصحيح ويكاد يكون سطحي فنرى الفتاة تتخذ من الحجاب غطاءً لرأسها فحسب بينما ثيابها غير محتشمة أو متبرجة أو تتمازح مع الرجال الغرباء عنها وتثرثر معهم بكلام ضره أكثر من نفعه عليها وعلى سمعتها، والبعض من النساء تعلم جيداً أن ثيابها أو حجابها ناقص وغير مكتمل ولكنها مع علمها ذلك تُصر على تكرار فعلها خاضعة للموضة ومستحدثاتها الجديدة ، وأمام هذا المشهد يقابله مشهد ايجابي أطلق عليه تسمية "المشهد النوراني" فما زال هنالك عدد من النساء يحاولن الالتزام بالحجاب الاسلامي فنراهن محتشمات في ردائهن وافعالهن لدرجة اصبحت حشمتهن لافتة للنظر، ولكن عبارة نطقتها طالبة توجز الحقيقة إن الحجاب غطاء.