لماذا تبكينا واقعة الطف؟ لماذا هذا الحزن الكبير على سيد الشهداء وأهل بيته وصحبه؟ هي أسئلة وأجوبتها في القلب والضمير، روحية عاشوراء وما جرى فيها تمنحنا كل عام وتجدد فينا ذلك العزاء الملتصق بنا بشكل ابدي، فليس ثمة مبالغة فلقد استشعرت ذلك التعلق الكبير بالحسين (عليه السلام) منذ الصغر وتفاعلت مع استعدادات أسرتي لعظمة المناسبة، وكيف كنا نقيم مجالس العزاء النسوية وأرى بكاء النسوة وتفاعلهن مع قصائد الشجن التي تطلقها (الملاية) واستمر ذلك الحب والتعلق حتى اللحظة، فكانت أمي وجدتي تزرعان فينا بذرة ذلك العشق الحسيني وترويان لنا واقعة عاشوراء، وتعلمانا معنى الشهادة والحفاظ على الصلاة وإن أبا عبد الله (عليه السلام) استشهد لأجل ذلك وهذا هو دور المرأة في احياء القيم العليا والثقافة الدينية في نفوس أسرتها، ويرددن أسماء أهل البيت على مسامعنا لنجعلهما قدوة في سلوكياتنا ومسيرة حياتنا التي امتدت إلى الآن نحافظ على ما ورثناه منهن فكرا وسلوكا.

لقد نجحت المرأة في عاشوراء من خلال إقامتها لمجالس العزاء والبكاء على الشهداء وبشكل خاص على سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في ربط الأمة بهذه الواقعة على مدى العصور ومن ثم تخليدها في وجدان وعقل وقلب الأمة والاقتداء بنماذجها وأبطالها لا سيما الامام الحسين (عليه السلام) وجاء الحث على إحياء عاشوراء من قبل الأحاديث الشريفة واقامة مجالس العزاء ليعمق الارتباط فكريا وروحيا بها ويبقيها حية في النفوس، وما كان لعاشوراء أن تستمر إلى يومنا وتزداد حضورا وتوهجا لو لم تكن مجالس العزاء والبكاء التي أرست قواعدها المرأة في اصرارها على إحياء الأمر بما يليق بتضحية أهل البيت (عليهم السلام).

ومن الجدير بذكره ولزاما علينا أن نتلمس القبول والاجابة من أغلب الأسر والنساء اللواتي يحضرن مجالس العزاء أن يضعن في أذهانهن ما للمناسبة العظيمة من أثر مجتمعي فيكون الالتزام بالمبادئ الحسينية هي الطاغية على المجلس احتراما وتقديسا لسيد الشهداء (عليه السلام) من ارتداء الحجاب والملابس المحتشمة بعيدا عن الزينة والأمور التي تفسد العزاء، وتجعله مظهرا لعروض الازياء وغيرها من الأمور التي لا محل لها في عزاء الحسين (عليه السلام).