سألتني صغيرتي ذات الثامنة من العمر، لماذا تتحدثين معي دائما عن الحجاب وقيمة الاحتشام، وبجواب أبسط إلى عقلها الغض ومستوى فهمها، قلت لها "إن الله عز وجل أمر المرأة بذلك ليعلو من شأنها وقيمتها ويحافظ عليها كونها قارورة رقيقة وجميلة ، فأنت يا صغيرتي يومياً تشاهدين وتتناولين انواعاً كثيرة من الثمرات غلفت بغطاء ليحافظ عليها من الفساد والتلف كالموز والجوز والبرتقال وانواعاً عديدة منها، والفتاة كهذه الفاكهة الطيبة، عليها المحافظة على شكلها وحلاوتها وقيمتها الانسانية بالاحتشام، وهو بحد ذاته تكريم يليق بكل شيء جميل وحسن، أو بالأحرى أنه هويتها الاسلامية البارزة في عالم ممتلئ بالمتناقضات والافعال والصور غير اللائقة لعنوانها الاسلامي الجميل الذي أعزها الله به.

ابتسمت الصغيرة وترقرقت دموعها الصافية، لكلمات دخلت قلبها بيسر وقناعة واحتضنتني، عرفت من حركتها البسيطة مدى قناعتها ولهفتها للبس الحجاب الذي اصرت ان تلبسه اللحظة وهي لازالت دون سن التكليف!

فيكاد يكون للأم دور كبير في هذا الأمر، لبناء شخصية ابنتها وتعويدها على ارتدائه، طاعة لله تعالى اولاً وللمحافظة عليها من الاذى النفسي ثانياً.

فالبنت المسلمة تقدم نموذجا مغايرا تماما لطريقة الملبس والسلوكيات وغيرها مما طرأ على عالمنا بشكل غير لائق، فكل خطوط الموضة وكل ما تنتجه صناعة الأزياء بآلاتها الجبارة تقف عاجزة أمام سيكولوجية الاحتشام التي تنبني في المجتمع المسلم عامة وفي نفوس البنات المسلمات خاصة، ما أقصده من استعراض منهج للتعامل مع الفتيات الصغيرات وبناء ثقافة الاحتشام في نفوسهن بمنتهى الرفق والهدوء والتدرج هو الرد على من يتصور أن الحجاب يفرض على الفتيات بالقوة بمجرد بلوغهم دون تمهيد نفسي كاف.

إنه يبني شيئا مغايرا في نفسية هؤلاء البنات الصغيرات ليعبر لها عن أنها في مرحلة سنية جديدة وأنها قد كبرت ونضجت لذا استلزم الأمر أن تتحلى نفسيا بالاحتشام.

ليكون ما أقصده من استعراض منهج الرسول للتعامل مع الفتيات الصغيرات وبناء ثقافة الاحتشام في نفوسهن بمنتهى الرفق والهدوء والتدرج هو الرد على من يتصور أن الحجاب يفرض على الفتيات بالقوة بمجرد بلوغهم دون تمهيد نفسي كاف واستعداد من الفتاة لاستقبال الأمر والتعامل معه كجزء من ثقافتها وبنائها النفسي

المتكامل ليصبح جزءا من سيكولوجية الفتاة وثقافة مجتمع ولذا فهو لا يفرض بأي قوة ولا أي سلطة لأنه جزء من بناء النفس الطبيعية إذا أخذ حقه في النمو عبر أطوار الزمان والحياة ليصبح بحق عنوانا للإسلام والمجتمع.