الدكتورة حوراء عادل: إعاقة الأجساد لا تعني صدأ العقول


"الانسان لا يستطيع أن يعيش إلا إذا عرف أن لحياته معنى" بهذه العبارة لخص عالم النفس الحديث الفريد آدلر معنى أن يكون للإنسان هدف يصل به ليبني ذاته ومجتمعه، فالتحدي الأصعب في الحياة هو مواجهة الذات، والتغلب على الصعوبات والحياة لا تروق إلا للمحاربين منهم الدكتورة حوراء عادل نوري، أستاذة في علوم الحاسوب في جامعة بابل تعمل في المجال التدريبي الاكاديمي مدرب معتمد من المعهد الدولي للتمويل والادارة ومدرب معتمد من كلية كنغستون للدراسات وإدارة الأعمال وصاحبة مشروع أول مكتب تقني في بابل سنة 2001 بالتعاون مع منظمة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP، والذي تم تطويره لاحقا ليصبح ثاني مركز انترنت في المحافظة سنة 2003.

وبعد حصولها على شهادة البكالوريوس عمدت للممارسة العملية في ميدان الاختصاص فجاءت فكرة افتتاح مكتب حاسبات بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبتمويل من منظمة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP، ونظرا لنجاح المشروع عمليا كونها أول امرأة معاقة من محافظة بابل والعراق تنجز هكذا مشروع لإقامة الكورسات التعليمية في مجال الكومبيوتر، لذلك قام أعضاء من هذه المنظمة (من مجموعة الدول الاسكندنافية) بزيارة ميدانية لمقر المكتب ونشروا ورقة عمل بخصوص المشروع على شبكة الانترنت عام 2001.

أصيبت الدكتورة حوراء بعد الولادة منذ كان عمرها سنة واحدة بضرر الاعصاب الطرفية المسبب لضعف وضمور في عضلات الأطراف العليا والسفلى (السبب جيني نتيجة القرابة بين الوالدين) مما نشأ عنها اعاقة حركية واستخدام الكرسي المتحرك منذ ما يقارب 27 سنة.

تقول عن معاناتها إنها عانت في الدراسة (الابتدائية وصولا إلى الجامعة) ولكل مرحلة معاناتها الخاصة حسب تقدم العمر وتدرج مستوى الاعاقة، فكانت تعاني من ازمة الاندماج مع الأطفال من الأقران وصعوبة التنقل في أرجاء المدرسة والصف الدراسي زيادة على ذلك معاناتها في التعامل مع نظرة الشفقة أو التنمر التي تلاحقها، فكانت تبحث عن أدوات معينة للكتابة فضلا عن معاناتها مع الوقت الامتحاني غير الكافي وواجهت صعوبات كثيرة في دروب الحياة منها صعوبة المشاركة في النشاطات الرياضية والحرفية والابداعية مع حبها الشديد لها، ومشاكل في الفحص الطبي واللجان الطبية وفي العمل، فالدولة لم توفر البيئة المناسبة لدعم نجاح واندماج ذوي الاعاقة في المجتمع فهنالك مشاكل نابعة من انعدام التنقل المريح في البنايات وقاعات الجامعة وعدم توفر مصعد للطابق الثاني خلال سني دراستها في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه مما دعا بعض الأساتذة والزملاء من حملها مع كرسي الحركة صعودا ونزولا.

وعن التحديات

لعل حجر الأساس في مواجهة التحديات التي خاضت غمارها هو عائلتها (والدها ووالدتها) حيث منحها الله عائلة مؤمنة صابرة راضية واعية -كما تصفها- جاهدت لتأثيث فكرها بأثاث قيَمي فاخر أسهم في بناء شخصية قوية مؤثرة لا متأثرة على مستوى الاسرة والمجتمع كما أسهم في تعزيز ثقتها بنفسها وحصولها على التحفيز المثمر من قبل عدد من الأساتذة والأحبة فكانوا سندها المعنوي للاستمرار في العطاء، ولكونها المولود البكر في عائلة استقبلت ثلاثة من ابنائها من ذوي الاعاقة، وهذا شكّل تحديا لتقوية ودعم بعضهم البعض وفهم متطلبات اثبات كفاءتهم في المجتمع (خاصة أن الحكومة وقوانينها القاصرة والمجتمع ونظرته الهشة يشكلون العائق الأكبر في هذا الاتجاه) حيث حصل أخوها احمد على البكالوريوس في علوم الحاسوب وهو موظف حاليا كما حصلت اختها على البكالوريوس في الهندسة المدنية، وهي تمارس نشاطها الاجتماعي التوعوي الداعم للفتاة الجامعية فهي مسؤولة اسرة بنات الهدى.

مؤكدة أن الأزمات والصعاب التي اجتازتها لما يقارب من أربعة عقود من حياتها انضجت شخصيتها وحبها لذاتها وتقوية ثقتها بنفسها. 

وقد عضّد هذا الحب مسيرتها فكان شعارها (اعاقة الاجساد لا تعني صدأ العقول) مؤكدة في ذلك إن احترام الذات والرغبة في تحقيق الاستقلال المهني والمالي جاء من قناعتها التامة بأن الله خلقها لسبب وهذا السبب لم ينتهِ بعد فلا بد من الاستمرار، وعلى صعيد المجتمع فهي تسعى لتحقيق التفاعل الاجتماعي والسمعة الطيبة واكتساب العلاقات المعززة لأهدافها ورسالتها أما عن رؤيتها المستقبلية فهي تود أن تكون متحدثة جماهيرية تحفيزية تعمل على تحفيز الافراد وتدريبهم لاستثمار طاقاتهم، وطموحها العمل في بيئة تدريبية مميزة وداعمة كجامعة العميد وجامعة وارث الانبياء، ونصيحتها للفتيات اللواتي يعانين العوق: "كوني فخورة بنفسِك".