بعض المواقف والكلمات تهديك إلى التدبر وتصحيح مسار النظر لبعض التفاصيل التي لم أكن ألحظُها، ففي مشاركاتي في دورة تُعنى بالتربية، كانت تتعدد الأسئلة التي تتوجه إلى المدربة منها سؤال إحدى الأخوات عن أولادها الذين يعتمدون عليها في كل شيء، حينها كانت الاجابة صادمة أخبرتَها (بأنكِ كنتِ أما واهمة) وحين طلبتْ التفسير سألتْها عن أولى خطوات طفلها هل كانت تساعده عند الحبو؟ هل هي من كانت تطعمه؟ وتنوعت الاسئلة حتى عُدتُ بذاكرتي إلى أيام طفولتي الأولى وكيف تعامل أمي كل اخوتي وكان الكثير يوجه لها اللوم حين تترك أخي الصغير يأكل وحده ويصل الطعام حتى شعره، وكذلك حين طلبتُ منها المساعدة في كتابة أحد واجباتي المدرسية رفضتْ وأخبرتني إنه واجبي أنا وليس واجبها وبالرغم من ارتفاع بكائي وتوسلي إلا أنها أصرّت على قرارها وجلستُ بمفردي لكتابة الدرس، كنتُ حينها أنظر اليها وفي داخلي غضب شديد خصوصا وأنا أرى كثيرا من الأمهات يساعدن بناتهن في إداء الواجب والكتابة بالنيابة عنهن، ومثل هذه المواقف كنتُ أرى بأنَّ والدتي قاسية ببعض الأوامر مع إنها حنونة جدا في غيرها خصوصا فيما يتعلق بأوقات المرض فكانتْ تعنى عناية منفردة جدا بنوع الطعام، والمواقف لا تحصى ولا تعد.

بعد نضجي اليوم وفهمي للكثير من أساليب التربية وما رأيت من أقراني بين فشل ونجاح أيقنتْ إن أمي تعاملتْ معنا بكل حكمة وفي كلِّ موقف يمر أدرك أكثر بأنَّها صنعتْ أبناء يستطيعون إدارة حياتهم ومشاعرهم بتعقل واضح للمجتمع.

إن ما تقع به الأمهات من ترجيح عاطفة الأمومة على الحكمة في التعامل مع الطفل في أولى حياته يضر بشخصية الطفل وتوجهاته وحتى ذكائه ومهاراته، كما يثقل كاهل الأم واحدى مخرجاته العقوق.