حوار:

العلوية سكينة الموسوي درست في حوزة المقدمات لأربع سنوات عند الاستاذ فاضل الفراتي، ودرست الخطابة في كلية الامام الحسين الاهلية لسنوات، وبدأت بممارسة الخطابة منذ ثمان عشرة سنة، ودخلت مجال الاعلام في قناة الزهراء الفضائية وقناة المهدي وفي اذاعة الكفيل خصيصا منذ أول تأسيسها أضيف عملت في مجال المونتاج التلفزيوني في قناة الاربعين الفضائية.

 

هل الطرح الديني اليوم يتناسب وأساليب الطرح المعاصر بتقديم المعلومة؟

لاشك إن الساحة المنبرية والإعلامية لا تخلوا من خطباء وإعلاميين مؤثرين في الناس، ونحن نلمس اسلوبا عصريّا يتماشى مع روح الشباب بصورة عامة، ولكن تبقى هناك مواضيع نتطلع لسماعها من المتحدثين ونتمنى أن تكون اكثر تنوعا وأكثر نزولا للواقع، خطاب يوازن بين اللغة الراقية والمعاصرة وبين القيم الإسلامية والمبادئ السامية، إننا بحاجة إلى خطاب يدمج بين التاريخ والحاضر وبين (العلوم التجريبية والنظرية) وبين (العلوم الربانية).

ولكن على الصعيد الاعلامي إذا أردنا أن نتحدث بدقة هناك من يبذل جهدا ملحوظا في مجال مخاطبة الناس بلغة عصرية تتواكب مع عقل الشباب المثقف ولكن المتصدين _الكفوئين_ في هذا المجال عملة نادرة. 

كما إننا نفتقد للعنصر النسوي في الجانب الإعلامي وحتى في نطاق المنبر الحسيني نلاحظ شحة المتصديات للخطابة الناجحة كذلك الحال في الإعلام الملتزم والعصري مع وجود محاولات نادرة لسد (فجوة) الحضور النسائي في ساحة المتحدثين نلاحظ تجارب إعلامية ناجحة تقابلها تجارب أخفقت في توصيل صورة متكاملة تجمع بين الثقافة العصرية وتحافظ على التراث الإسلامي الأصيل من أن يتلوث بالثقافات الدخيلة والمستوردة!

منهم من مال مع الرياح وسقط في شباك اصلاح الآخرين (بفساد نفسه) وبدأ يتنازل عن المبادئ شيئا فشيئا بذريعة كسب شريحة الشباب ومنهم من أعطى صورة متشددة عن القيم وصار سببا لنفور الناس من الدين الإسلامي الحنيف.

وبإلقاء نظرة سريعة ومتفحصة نجد الساحة الإعلامية والمنبرية تتعطش إلى تطوير مهارة الإقناع وتوسيع نطاقه لاكتساب فن الحديث باسلوب معاصر يحاكي عقول الناس ويدغدغ قلوبهم وينقل الحقيقة كما هي (ناصعة البياض) بدون أدنى تلاعب ويرسم صورة واضحة للقيم الحق بعيدا عن الميول الشخصية.

 كيف يمكن قولبة الطرح الديني بإطار حديث يلائم توجهات الشباب اليوم؟

يمكننا تغيير الطريقة الكلاسيكية باتباع المنهج العلمي عبر النزول إلى الواقع والتطرق إلى مشاكل الناس وطرح الحلول المناسبة وفق تناول المواضيع الدينية من جهة مصالح الناس الدنيوية، وتقديم البدائل المناسبة لهم بحيث يستغنون عن السلوكيات غير المقبولة ويستبدلونها بالبدائل المقبولة التي تقنع رغباتهم المشروعة، كما يجب الاستعانة باسلوب الترغيب أكثر من النمط الترهيبي واتباع النهج المشوق في اعداد المحاضرات والبحوث بإثراء المعلومات المتنوعة في إطار البحث والاعتماد على مباحث علم النفس والتنمية الذاتية كمصدر رئيسي في عرض حل الالغاز التي تتعلق بمشاكل الانسان الحياتية والأزمات السلوكية إذ بطبع الانسان يميل إلى اكتشاف أسرار ذاته وفلسفة العالم الذي يعيش فيه.

كل تلك الأساليب كفيلة بأن تخرج البحث من الطريقة المملة إلى القالب الحديث وتهدف إلى جذب المخاطب وشدة من أول الحديث إلى آخره لأنه يشعر بأن المتحدث يحل مشاكله النفسية والاجتماعية بطريقة علمية وكانه يستمع إلى طبيب نفساني وعالم رباني في الوقت ذاته.

أنا شخصيا أميل إلى اسلوب الصدمة في طرح الموضوع من زاوية لا تخطر ببال المخاطب وقد جربت هذا الاسلوب انه من انجح الاساليب في كسب المخاطب. 

في ظل هجمة الأفكار الغربية والمتطرفة منها كيف يمكن بناء قاعدة دينية رصينة في نفوس الشباب؟

كل هجوم يجب أن يقابل بدفاع فعلى سبيل المثال في (كرة القدم) في حالة وجود مهاجمين خطرين في الفريق الخصم يتم إضافة مدافع اضافي وتقليل خط الهجوم أو الوسط.

فنحن كأمة نتعرض إلى الهجوم من قبل الغرب يجب أن نثبت وجودنا في خط الدفاع عن الإسلام بسلاح المعرفة وبث الوعي وتوضيح المبادئ الاسلامية للأجيال بشكل مقنع بحيث يمكنهم أن يمارسوا فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تمثل الحصن الحصين في خط الدفاع عن الاسلام وهو بمثابة الأساس الذي نستند عليه في بناء القيم وتأصيلها في نفوس الشباب.

من أجل ارساء ركيزة دينية صحيحة يتحتم علينا أن نتأكد من رصانة المنظومة الفكرية لدى الشباب والناشئة التي تستلزم كسب الشباب وجذبهم لدراسة العلوم الدينية ودمجها مع الدراسات الأكاديمية وذلك يتحقق بتطوير الحوزات العلمية  بما يتناسب مع الفكر الشبابي وتطلعاته بحيث تصبح المدارس الدينية ملاذهم الآمن الذي يجمعهم ويغذي عقولهم وأرواحهم بالعلم والحكمة والاخلاق الفاضلة وكما يتعين على المراكز الدينية دمج المنهج الحوزوي مع فقرات ترفيهية وأنشطة شبابية تسد ظمأ الشباب للتسلية والاستجمام

من خلال الاهتمام بمختلف النشاطات الرياضية والاعتناء بهوايات الفتيان والفتيات والاكتراث بمشاكلهم المعقدة لكي نتمكن من سد الفجوة الحاصلة بينهم وبين الدين ونرفع الحواجز السميكة بينهم وبين القيم الاسلامية والذي تعمد الغرب 

أن يفاقمها أمامهم.