تساهم التغذية الصحية بنمو متكامل للأطفال من خلال تزويدها للجسم بما يحتاجه من البروتينات والفيتامينات فضلا عن تجنب الامراض الانتقالية وغيرها وذلك لاكتساب الجسم المناعة الكافية لتحصينه من أي فايروسات دخيلة، كما ينطبق الامر على البالغين أيضا.

وتعود دور رياض الاطفال المرحلة الأولى في تعرف الطفل على العناصر الغذائية المتكاملة لبناء الجسم أذ تُعد مرحلة اساسية لا يستهان بها تتمخض بين اختيار أنواع الأطعمة اضافة الى الجانب التربوي في سلوكيات الطعام ولا ننسى التكافل الاجتماعي الذي له دور انساني مهم.


براعم الطفولة  

تنقل لنا مديرة روضة براعم الطفولية الأهلية الأستاذة سهاد خالد رأيها بهذا الجانب قائلة: تشكل دور رياض الأطفال مرحلة مهمة في النمو الفكري والجسماني لتأهيل الطفل إلى المرحلة الدراسية من خلال تلقينه دروس تمهيدية لذلك، كما تعمل إدارة الروضة على كيفية اكتساب الأطفال للمفاهيم والعادات المختصة بالتغذية حيث يُكونها الطفل من خلال ما يحيطه به مؤثرات يمارسها، لذلك يجب مساعدته على اكتساب أنماط غذائية صحية من خلال تجنب الاغذية المضرة بالصحة البدنية والفكرية فهناك اطعمة تسبب (السمنة، فقر الدم، التشتت الذهني، تسوس الاسنان وغيرها).

كما يتوجب مراعاة السلوكيات التربوية لآداب الطعام منها غسل اليدين قبل وبعد تناوله وعدم الحديث اثناء مضغه او الضحك او اللعب بالطبق مع مراعاة عدم نثر فتاته اثناء تناوله وذلك يدخل ضمن فنون الإتيكيت، فضلا عن عدم احضار كميات كبيرة تفيض عن الحاجة بالتالي تركها في صندوق الطعام الخاص (لانش بوكس) الذي يسبب تلفها أحيانا مما تضطر معلمة الصف برميه في القمامة وهذا يعد تبذير.

ولا ننسى التكافل الاجتماعي المختص بالجانب الانساني إذ تستقبل روضتنا الاطفال الايتام مجانا بشكل عام حيث تكون بعض العوائل من أصحاب الدخل المحدود إذ لا يحضر الطفل معه وجبة تغذية وهنا تتكفل الادارة بتخصيص وجبة له ليكون قرينا مع رفاقه، حيث نوجه الاهالي دائما باختيار أطعمة صحية وغير مكلفة ليتمكن جميع الاهالي من توفيرها لأطفالهم.

 

 

ثقافة غذائية

في زيارتنا لروضة براعم الطفولة الاهلية وجدنا اهتمام كبير فيما يخص الثقافة الغذائية للأطفال حيت تراعي ادارة الروضة هذا الجانب وأولت له اهتمام كبير من خلال تخصيص برادات لبيع بعض المنتجات الصحية للأطفال إن رغبوا بذلك مثل العصائر الطبيعية والحليب وغيرها.

 بهذا الجانب قالت مديرة الروضة: لا يخفى علينا البرامج الغذائية المتوفرة عبر منصات التواصل الأمر الذي يسهل علينا مهمة اهتمام الابوين بالتغذية بشكل عام.

فإذا نشأ الطفل في بيئة تفتقر إلى ثقافة غذائية سليمة سوف تترجم إلى عادات غذائية غير سليمة مما يؤثر سلبا على صحة الطفل، لذلك يجب أن يكون هناك تثقيف غذائي وتعليم الطفل لبعض الممارسات الغذائية الصحيحة والسليمة التي تساهم على حمايته من الأمراض والفيروسات، وقد وضعنا برنامج خاص بهذا الجانب حتى أننا خصصنا حصة تعليمية لتعرف الاطفال على أهمية التغذية السليمة لصحة أبدانهم وذلك من خلال أناشيد يرددونها أثناء الدرس لحفظها وتطبيقها في حياتهم اليومية.

 

تعاون مشترك

ويرى التدريسي تركي خادم مدير مدرسة الروان الابتدائية المختلطة في ناحية الكمالية بمدينة كربلاء المقدسة، أن الوجبة الغذائية للطعام داخل رياض الاطفال والمدارس وصولا إلى طلبة الجامعة تشكل عامل اساسي في تقوية الذاكرة والتركيز حيث تمد الجسد بالطاقة والنشاط والوقاية فالطعام من الاحتياجات اليومية التي لا يمكن التخلي عنها فضلا عن النوم الكافي.

لهذا على الجهات المعنية خصوصا في رياض الاطفال ومدراس المراحل الابتدائية الاهتمام بهذا الجانب والحرص على اختيار وجبات تغذية مفيدة وتوفيرها في (الحانوت) مضيفا، أن توفير التغذية المناسبة لا يمنع من تحجيم مشكلة الغذاء الصحي فالأطفال يلجؤون إلى ابتياع ما يبتغونه من الاسواق المجاورة للمدرسة واحيانا احضارها من البيت، وهنا يجب أن يكون تعاون مشترك بين اسرة الطفل وادارة المدرسة بالتوجيه والارشاد وتجهيز الاطعمة الصحية المناسبة لصغارهم في علبة الطعام المدرسية (لانش بوكس).

 

بدائل صحية 

واستهلت أم رضا (تدريسية) حديثها قائلة: أثناء الدوام المدرسي الطويل لا بد وأن يتناول التلميذ طعاماً ما سواء أن كان قد حمل هذا الطعام معه من البيت أم اشتراه خلال الاستراحة من حانوت المدرسة، وذلك لأن التغذية مهمة جدا في بناء أجسادهم وقدرتهم على التركيز والتذكر والمذاكرة وهذا لن يتحقق إلا بتوفر الطعام الصحي.

إلا إن الأطعمة التي تباع في المدارس كما هو الحال في البقالات المجاورة تخضع أولاً لمنطق الترويج التجاري القائم على جمال الشكل ولذة الطعم، وهو أمر بعيد كل البعد عن مفهوم التغذية السليمة لذا يجب على الادارة المدرسية بالسعي إلى توفير العصائر النافعة بدلاً من المشروبات الغازية و الفاكهة بدلاً من أكياس الشيبس، بالإضافة إلى ضرورة تشجيع وتثقيف الطلبة على الطعام الصحي فأغلب الاطفال للأسف يخجل من أخذ الفاكهة بحجة إن الاطفال يسخرون منه لكنهم يفتخرون بالشبس وقطع البسكويت والكعك المغلف الذي يحتوي على سكريات مضرة ومواد حافظة، وهذا الامر حصل معي شخصيًا فقد رفض ابني أخذ حبة تفاح معه خوفا من سخرية زملائه.

 

تغذية الاطفال السليمة 

فيما قال أخصائي التغذية العلاجية الدكتور أمير الاسدي: غالبًا ما تشعر كل أم أن طفلها لا يأكل جيدًا، لذلك تسأل الأمهات الأطباء وخبراء التغذية كثيرًا ما الذي يجب أن أقدمه لطفلي في وجبات الإفطار والغداء والعشاء، أو في الوجبات الخفيفة بينهم؟ أحيانًا يكون هذا القلق بلا سبب وأحيانًا يكون السبب أن الطفل من الصعب ارضاؤه ولا يأكل بسهولة وفي بعض الأحيان يكون مصدرا للقلق لتناوله الكثير من الطعام غير الصحي مثل المعلبات وغيرها من المشتريات وربما يفضل بعض الاغذية ولكن أذواق الأطفال تتغير وتتطور بمرور الوقت، أما في عمر الست سنوات تكون التغذية الصحية مهمة وعدم وجودها يسبب مشاكل في النمو.

 

وحول طرق تقديم الاطعمة الصحية للأطفال دون الملل منها اضاف الاسدي:

يجب على الام والمعلمة عدم الاصرار ومعاقبة الطفل لعدم الاكل لأنه سوف ينفر من الغذاء بشكل عام ويحس بان لديه مشكلة تواجهه في حياته وهي الاكل، والافضل هو تقديم الوجبة الصحية امامه و عدم اعطائه المشتريات و الحلويات قبل الوجبات الرئيسية.

كما يجب تحضير وجبات صحية تضمن غذاء متكامل من كربوهيدرات و بروتين و دهون صحية فيفضل جعل طبق يتكون من( 50-60 % ) كربوهيدرات صحية مثل (الارز، الخبز، المعكرونة، الشوفان، البطاطا) مع خضار مطهية او فواكه طازجة بكميات جيدة، فضلا عن توفير(15-20 %) من بروتينات مصادرها حيوانية مثل (بيض، لحم احمر، دجاج، سمك) ومن الضروري تناول دهون صحية بنسبة ( 20 - 30 % ) مثل (الزيتون، المكسرات بأنواعها، الزبدة الحيوانية، زبدة الفستق السوداني) اذ تكون مفيدة لنمو الدماغ وتنمية القدرات الذهنية و تفعيل عمل بعض الهرمونات بالجسم.

 

 نصائح ونشاطات اخرى

وأكد الدكتور أمير على ضرورة أبعاد كافة الاجهزة الالكترونية أثناء الوجبات الرئيسية و اجتماع العائلة مع بعضها على الأكل ليشعر الطفل بأهمية الطعام و احترام وقته.

 وضرورة تناول الفاكهة والخضار بكمية تتراوح من وجبتين الى ثلاث يوميًا لغرض تزويد جسم الطفل بالفيتامينات والمعادن خلال فترة النمو والدراسة، فضلا عن تحضير الوجبة المدرسية ويفضل تشجيعه على تحضيرها بنفسه واختيار الأطعمة الصحية وذلك لشحذ احساس الطفل بان هذه الوجبات تخصه شخصيا فيجب عليه تناولها.

وتابع قائلا: ولزيادة مستوى الجوع لدى الطفل يجب ممارسة الانشطة الرياضية لترك النمط السلوكي الخامل، وعدم اعطاء الاطفال الاجهزة الالكترونية لساعات طويلة لأنها تسبب التشتيت الذهني و اجهاد الخلايا الدماغية.

 مع مراعاة الالتزام بالنوم المبكر لأجل النمو وزيادة نشاطه صباحا ولان هرمون النمو الخاص بالأطفال يفرز بأعلى مستوياته من ساعة العاشرة مساءً لغاية الساعة السادسة صباحًا لذا يجب ان لا تقل ساعات نومهم عن ثمانية ساعات متواصلة لضمان بناء عضلي و نمو سليم.

 

نظام غذائي

وعن النظام الغذائي الصحي ختم الاسدي حديثه: يحتاج الطفل من (1500) إلى (2000) سعرة حرارية، وذلك بحسب نشاطه وحركته لضمان نمو جسده وعقله، ويمكن اختيار نظام غذائي للطفل بعمر الست سنوات بحسب ما يتوفر كتحضير وجبة الافطار (بيضة مسلوقة، نصف جزرة مسلوقة، كوب شوفان مطهي أو (كورن فليكس) وهي وجبة رقائق مقرمشة مدعمة بخمسة فيتامينات.

 أما وجبة الغداء تكون (رز عدد عشر ملاعق، خيارة، كوب حساء فاصولياء بيضاء او خضراء، ربع قطعة من (دجاج، لحم، سمك) أما (السناك) المسائي فيتكون من (كوب حليب مع موزة أو أي فاكهة أخرى) بينما تفضل وجبة العشاء (ربع قطعة خبز أو صمون، ربع قطعة صدر دجاج او لحم او بيضتان، كوب سلطة خضار مطهية).