يعاني كثير من الآباء من صعوبة التعامل مع الأبناء في فترة المراهقة, وتتفاقم هذه الصعوبات في ظل العالم الافتراضي الذي وجد فيه أغلب المراهقين حياة بديلة عن الواقع, لاسيما وإنه يتيح لهم كل ما يشبع فضولهم وما يحقق لهم من متعة فضلا عن تلبيته لاحتياجاتهم العاطفية.

مع تزاحم المسؤولية وسيناريو الأحداث اليومية المشحونة بالروتين, قد تتهاون الأسرة عن ممارسة دورها الرقابي على الأبناء سواء الذكور أو الإناث, ومع اختلاف نمط التعامل بين الولد والبنت ألا إن الاحتياجات العاطفية عند كلا الجنسين هي من أهم مميزات فترة المراهقة والتي تفرض على الأهل دورًا تربويًا مضاعفًا لتلبية هذه الاحتياجات داخل البيت, فمن المعروف إن للأطفال الحصة الأكبر في التدليل والإشباع من مختلف النواحي, لكن بمجرد ما يبدأ الطفل بالاعتماد على نفسه ويدخل في طور النضوج ينسحب الأهل تدريجيًا من إظهار الحب للأبناء على اعتبار إنه نوع من أنواع إفساد شخصياتهم التي تحتاج في هذه المرحلة إلى الخروج من عالم الطفولة بمميزاته إلى مرحلة النضج بالاعتماد على نفسه والابتعاد نسبيًا عن أحضان الآباء والأمهات؛ وبالتأكيد فإن هذا المفهوم خاطئ ويحتاج إلى إعادة النظر, لأن ما نقدمه للطفل من حب ظاهر يشبع رغباتنا واقعًا, والحقيقة إن المراهقين أكثر احتياجًا لتعزيز ثقتهم بأنفسهم عن طريق التكافل العاطفي الذي تقدمه العائلة لهم.

التكافل العاطفي هو حالة التوازن في المعاملة مع الأبناء على اختلاف أعمارهم, والاهتمام بالمراهقين على اعتبار إنهم يتأرجحون بين تصرفات الطفولة وبين رغبات الكبار؛ لذلك ينبغي تعبئتهم عاطفيًا وتسليحهم بالثقة كيلا يبحثوا عن بدائل خارج البيت بعذر إنهم لا يشعرون بقيمة أنفسهم إلا مع من يشعرهم بذلك, وللأسف فإن هذا المبرر يجعلهم ينغمسون في علاقات مريضة مع الأشخاص الخطأ في حين إن حب الأهل ودعمهم المستمر يكفل لهم السعادة والثقة.