تقرير


ضوابط دينية وأخرى اجتماعية تحكم مسألة تسمية الأبناء على اعتبار إن قرار الآباء بمنح المولود اسما سيلازمه مدى الحياة أمر من الصعب تغييره وسينعكس حتما على شخصيته بشكل أو بآخر؛ لذا فإن هذا الموضوع يعد مسؤولية حقيقية ولا ينبغي أن يخضع للمزاج والمجاملات أو حتى للخرافات التي تجعل بعض الأشخاص ضحايا لأسماء ذات معنى سيئ  بسبب اعتقاد آبائهم بأن هذا الأمر يحميهم من الموت أو يجعل لهم حظًا أوفر في الحياة.

ذات معنى

من حق الولد على والده أن يسميه بالأسماء المستحسنة ذات المعنى, ويفضل طبعا أن تكون من اسماء الانبياء والأئمة (صلوات الله عليهم), أو ما تقترن بالعبودية لأسماء الله الحسنى إذ تواكب هذه الأسماء المتغير الزمني وفي الوقت ذاته لا ينبغي أن يُطلق على المولود اسماء قديمة لا تلائم الزمن الحالي من حيث اللفظ أو التداول, أو اسماء غريبة أو أجنبية لا معنى لها, فحينما يُسال الشخص عن اسمه من المهم أن يكون لاسمه معنى وأن يكون المعنى دالا عن صفة محمودة أو تسمية لشيء جميل بعيدا عن الابتذال أو التقليل والاحتقار.

درءاً للموت

تخبرنا الحاجة السبعينية أم فاروق التي كانت تسكن إحدى القرى الزراعية بأنها عاصرت كثيرا من المواقف المتعلقة بمسألة التسميات الغريبة وتوعز هذا الأمر لبساطة التفكير آنذاك, فبعض النساء تعاني من تكرار وفاة الصبيان في مرحلة مبكرة جدًا أي بعد ولادتهم بفترة وجيزة وفي المقابل تعيش الإناث بشكل طبيعي, إذ كان يفسر في وقتها إن هناك لعنة ما تحيط بولادة الصبي ولا يمكن التخلص منها إلا باللجوء للأسماء ذات المعنى السيئ وعليه تبعد عنهم لعنة المرض والموت, وغالبا ما كان يُصادف أن يعيش الصبي فعلا لكنه يظل حاملا تركة ثقيلة وهو اسمه السيء طوال حياته وما يترتب عليه من مواقف محرجة له ولأولاده من بعده, لكن لو عدنا للتفسير المنطقي لهذا الأمر نجد إن لا يوجد هناك ارتباط بين مسألة درء الموت والاسماء البشعة والمسألة لا تتعدى المصادفة.

مجاملات عائلية

من ضحايا الأسماء القديمة غير المتوافقة مع متغيرات الزمن والتطور الاجتماعي هم المواليد الذين يتم تسميتهم بدافع المجاملة لشخص في العائلة أو بدافع الاعتزاز بكبير أو كبيرة الأسرة؛ وإن كان يعد أمرا محمودا ألا إنه يبخس حق المسمى في ممارسة حياته الاجتماعية بشكل طبيعي بين اقرانه, لاسيما وإننا نستذكر مدى التنمر الذي يتعرض له الأطفال بسبب اسمائهم الغريبة أو القديمة التي ما عادت متداولة أو مقبولة للجيل الجديد؛ لذا يدعو الإمام السجاد (عليه السلام) في رسالة الحقوق ضمن حق الولد إلى حسن اختيار الاسم لأنه سيلازمه مدى الحياة وسيحمله بين الناس للتعريف عن نفسه ومستقبلا ستُعرف به ذريته, وليس من الانصاف أن نجرد الأبناء من أهم حقوقهم على آبائهم وهي انتخاب اسم مواكب للحياة الاجتماعية, مقبول بين الناس, ذي معنى ويسير اللفظ, أما مبدأ المجاملة يجب أن ينحصر في جانب الاختيارات الشخصية بعيدًا عن مجاملة شخص بشخص آخر ولو كان بالاسم.

من اسمه نصيب

ينصرف بعض علماء النفس والاجتماع إلى مناقشة نظريات تتعلق بمسألة ارتباط اسم الفرد بطبيعة شخصيته, ومع إن هذه النظريات تظل تحت مجهر المناقشة والتخمينات, ألا إننا لا ننكر رغبة الانسان الطبيعية بأن يكون اسمه جميلا حد الإعجاب عند ذكره, وهذا يعد ميلا فطريا لدينا يندرج ضمن الحاجة إلى التقدير والمحبة وبالطبع فإن اسماءنا هي أولى عتبات التعريف بشخصياتنا, وبالتأكيد فإن اصحاب الأسماء المميزة يكونون أكثر ثقة وإقبالا على الاندماج من اصحاب الأسماء المستهجنة الذين ينسحبون اجتماعيا في مراحل مبكرة من العمر خوفا من السخرية والاستفهامات التي تبحث عن الأسباب التي دفعت ذويهم لاختيار هكذا اسماء لا تمت للمعنى الجميل أو المعاصر بصلة.