لماذا باع الولد دراجة التكتك واعطى المال لامه؟، وكيف وقف المهندس لينصب خيمة خدمة لامه؟ كلها امور تجدها في محافظة البصرة الفيحاء فقد تعودت اعيننا على رؤية المواكب وهي تدار بخدمتها من الرجال وفي كل جزئياتها من نصب الخيم واعداد الطعام والشراب والمناداة على السائرين اعتدنا فيها ان الوجود فيها كله ذكوري، لكن البصرة كما تميزت عن باقي المحافظات بكثير من الامور في الخدمة الحسينية تميزت هذه المرة بقيام نسائها بنصب مواكب نسائية خالصة لتقديم افضل الخدمات للزائرين القاصدين سيرا على الاقدام الى مدينة كربلاء الشهادة والتضحية، حيث وقفت عشرات النساء متصدية لخدمة الزائرين.


كيف تمول موكبها

صاحبت موكب خدام الزهراء عيدة جابر عفريت من منطقة الحيانية شرحت لوكالة نون الخبرية كيف اسست موكبها وقدمت الخدمة للزائرين ولماذا باع ولدها التكتك الذي يعتاش عليه بقولها "بدأت تقديم الخدمة للزائرين بمفردي في العام 2014 وتمكنت بمساعدة اولادي وابناء اخي من نصب موكب على طريق الزائرين قرب جسر التربية، وساعدني اخي حيث منحني جادر وقمت بنصب الموكب، وتحملت تكاليف شراء معدات الطبخ وبدأت بتقديم وجبات خفيفة مثل الماء والشاي والمعجنات وبعدها شاهدت ان الزائرين يحتاجون الى طعام يعينهم على المسير، فتحولت الى تقديم وجبات الطعام مثل الرز والمرق واللحم وقمت بطبخه بمفردي وقدمت خبز السياح والبيض والقيمر والصمون، وتضاعفت كمية الوجبات التي اقدمها، وعندما رأتني النساء بمفردي التحقن بي واول وجبة كانت اربعة من نساء المنطقة التي نصبت فيها موكبي، ثم التحقت معي زوجات اخوتي الاربعة وشقيقتي ثم التحقت اثنين من النساء، واصبحنا فريق عمل نسائي مكون من (12) امرأة فاصبحنا نقدم وجبات كثيرة منها الفطور حيث تخبز النساء السياح والبيض والخبز والقيمة والشوربة".

وهنا اصبحت الاموال التي خصصتها للموكب لا تسد الحاجة واحتجنا الى مبالغ كثيرة ولان معيشتي على الكفاف فشاهد ولدي حيرتي فقام دون علمي ببيع التكتك الذي يعتاش عليه واعطاني مبلغ اربعة ملايين دينار ليستمر عملي في خدمة الزائرين وقد يظن البعض ان هذا تفريط بمصدر رزق لكني اراه امرا طبيعيا في الخدمة الحسينية ومستعدة لبيع داري الذي بنيته (تجاوزا) لابقى خادمة لابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وفي الظهيرة نقدم الماء والعصير لان الزوار يتوقفون عن المسير بسبب حرارة الجو، ثم نقدم انواع مختلفة من الطعام بطبخ على ايدي النساء مثل التمن ومرق الباميا او الفاصوليا او الباذنجان مع اللحم، وهي اكلات بطعم عائلي يحبه الزائر، ونقدم ايضا وجبات خفيفة مثل اللبلبي والباقلاء والسياح والبيض"، مبينة ان " خدمتي في الموكب دفعت العديد من النساء للالتحاق معي في الخدمة".


فزعة النساء

"ام احمد" السيدة ثورة عبد الكريم انسانة محبة لمحمد وآل محمد تقيم مجالس عزاء أبي عبد الله (عليه السلام) في بيتها وتشارك في مجالس اخرى ببيوت المحبين وتصنع الطعام في بيتها وتوزعه على الجيران وتسير نحو كربلاء الشهادة كل عام وتشاهد المواكب والزوار وتتمنى بداخلها ان تكون خادمة للحسين (عليه السلام) مثلهم، وما ان سمعت بحالة صاحبة موكب خدام الزهراء وحيدة في موكبها حتى فزعت لها ووقفت بجنبها، وتؤكد هذا الامر لوكالة نون الخبرية بقولها ان " حفيدها وهم من اهالي المنطقة التي نصب فيها موكب خدام الزهراء قبل عامين شاهد صاحبة الموكب تطبخ الهريسة بمفردها في الخيمة فجاء مسرعا الي واخبرني فاستغربت الامر ونهضت مسرعة فوجدتها فعلا بمفردها وما ان دخلت الخيمة حتى رحبت بي وقالت (اذا تريدين تخدمين الحسين مدي ايدج وياي) وكانت تلك الجملة كالماء الزلال على قلبي وهي امنية تمنيتها منذ سنوات فباشرت بالعمل معها ثم التحقت عدد من النسوة معنا لان الخادمات في الموكب كلهن من النساء وحتى الزائرات يتوجهن على الموكب عندما يشاهدن ان الموكب تعمل فيه النساء فقط، وعندما يبدأ التوزيع استعين بولدي ليجعل التوزيع للرجال على حدة ولكي لا يحصل الاختلاط بين النساء والرجال، وفي الموكب يكون اعداد الطعام اسرع لان النساء هن من يصنعن الطعام، وتؤكد ان كثير من النساء الخادمات يشعرن بغربة السيدة زينب (عليها السلام) وحيرتها وسبيها وهن يعملن على خدمة الزوار".


ام المهندس

خيمة صغيرة سمتها صاحبتها موكب (كفوف ابي الفضل العباس) وضعت بداخلها مجموعة من القدور الكبيرة والصغيرة جلست فيه صاحبة الموكب (ليلوة حميد) وتجمعت حولها عدد من النسوة لاعداد طعام العشاء للمشاية نصب هذا العام بملاك كله من النساء تقول صاحبته لوكالة نون الخبرية انها " بدأت الخدمة في المواكب منذ ثماني سنوات تطبخ الطعام وتعد خبز السياح والخبز العادي دون كلل او ملل، لكنها ما انفكت تفكر بالاستقلال وحدها وافتتاح موكب خدمة حسيني بمفردها وتحقق لها ما ارادت هذا العام فاقترضت مبلغ (250) الف دينار واشترت غطاء الخيمة وخزنت مواد غذائية

ومعدات وطباخات واستأجرت مساند الخيمة الحديدة لاستخدامها وساعدها ابنها المهندس بان اعطى كل ما لديه من اموال لوالدته لانفاقها على الموكب واعانها بنصب الموكب، وباشرت هذا العام بالخدمة الحسينية بمفردها وقدمت مختلف انواع وجبات الطعام من التمن والمرق وخبز السياح والشاي والماء، وما ان سمعن نساء من مناطق الحيانية والقبلة بموكبها حتى التحقن بها واصبح عددهن خمس متطوعات للخدمة وكذلك يلتحق بهن نساء ممن يمشين في الزيارة بالخدمة لساعات في الموكب طلبا للأجر والثواب، وقررت ان توفر اشياء ومستلزمات كثيرة تحتاجها في الخدمة بعد ان عرفت ان ادارة الموكب تختلف عن الخدمة فيه، وكل ما تريده هو مواساة السيدة زينب وخدمة الحسين (عليهم السلام) وبعد انتهاء الخدمة للزائرين في البصرة تقيم مجالس عزاء حسينية في بيتها لمدة عشرة ايام ثم تقيم مجلس عزاء وتوزيع طعام لإحياء ذكرى وفاة السيدة رقية(عليها السلام)".