اعتدت في كتابة اعمدتي الصحفية أن أضع عنوانا مثيرا للفضول قليلا؛ حتى أنال رغبة القارئ في فك شيفرة ما اعنيه, فكلمة رجوع تقترن بالخلف في حين يقترن التقدم بالأمام, والآن حان دوري في توضيح المقصود؛ الرجوع إلى الأمام يكون واجبا حينما نستدير إلى الماضي ونتطلع إلى ما فاتنا بحسرة وندم, وكأننا عجزنا عن الاستدراك ولا سبيل لنا باستئناف أي خطوة رافقتها عثرة ما... هنا علينا أن نرجع سريعا إلى حاضرنا, اللحظة الراهنة هي الأحق بالتمعن والأولى بمعايشة تفاصيلها.
وردت كثيرٌ من الحكم والمواعظ على مر الأزمان فيما يخص موضوعة مكوث بعضهم في ذاكرة الماضي لدرجة أنهم ينسون واجباتهم تجاه طموحاتهم, وهنا يبدر تساؤل منطقي ومتكرر: هل يمتلك أحدنا قدرة إعادة الوقت إلى الوراء؟ الجواب لا يحتاج إلى كتابة توثقه كوننا لسنا في زمن المعجزات؛ وعليه فما جدوى التفكير بأمر لن يعود مهما أردنا ذلك!!
مرة نتمنى أن نعود لنحيا تفاصيل افتقدناها ومرة أخرى لتصحيح مسارٍ مائلٍ وثالثة استجابة لنضوجنا الذي يؤنبنا على قراراتنا السالفة ومرات أخرى لأسباب كثيرة... ولكن لكل وقت ظروفه المحيطة به وليس من الحكمة أن نظل في دوامات الذكريات لأنها لن تنتهي ما دمنا خاضعين لها, وهذا ما اعنيه تماما في طرحي لعنوان قد يبدو غير منسجم ظاهرا؛ ومع الاستغراق بمفهوم الرجوع إلى الواقع الحالي والكف عن الانسحاب إلى الوراء تتضح الرؤية أكثر ويتخذ المفهوم بعدا تأمليا يقودنا للتفكير ببناء المستقبل؛ بالاستفادة من أخطاء الماضي وبإرادة حالية تستجمع همتنا وتحثنا على التأسيس لهدف ينتظر منا التسديد في مرمى الحياة, لذلك لا ينبغي أن نلتفت ومهم جدا أن نصوب حواسنا وأفكارنا نحو طريق يقودنا إلى الأمام رجوعا إلى ذواتنا.
إيمان كاظم
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري