قد تهدم معظم علاقاتنا الاجتماعية وتنقطع روابط المحبة والألفة لسوء الظن الناتج عن تغلب جوانب الشر بداخلنا تجاه شخص ما على جوانب الخير، فنبدأ باغتيابه بعد أن تغزونا الظنون السيئة والخاطئة عنه، وتظهر في سلوكنا ولساننا في تعاملنا مع ذلك الشخص.

وفي مجتمعنا اليوم نجد من يجلسون في الطرقات يراودهم الظن السيء في المارة، لاسيما إذا كانت نساء وفتيات إذ يخوضون في خيالهم ويطعنون بهن، فحين رؤيتهم امرأة مع رجل تصدر منهم اتهامات وتخيل فاحش من دون التأكد أن كان الرجل شقيقها أو زوجها، وبالنتيجة تتمزق المجتمعات وتتهاوى بتلك الأمراض النفسية الفتاكة.

وتؤدي الأسرة دورها في تنشئة الفرد على حسن الظن والخصال الحميدة، واستخدام أسلوب الثواب والعقاب في التربية، واختيار القدوة لهم، كما أن للمدرسة أهمية في إكسابه مواعظ حسنة، ومرافقة الأصدقاء ذو السمعة الطيبة.

سوء الظن يجعل الاستقرار غير ممكن، ويزعزع الثقة ويسبب عدم الراحة في النفس، لشعورنا الدائم بالقلق والريبة وأن الآخرين يضمرون لنا الشر والعدوانية والتآمر وجلب الكراهية لنا، وعزلنا عن المحيطين بنا، ومن منا لم يترك وظيفته وحرفته بسبب سوء الظن وتمادي الآخرين بظنهم نحونا، مما ينغص علينا عملنا ولجوءنا للبحث عن عمل جديد، لنندهش بأن تلك الظاهرة الاجتماعية متفشية بشكل كبير ففي كل تجمع نجد من يمارسونها في العلن بشراهة.

وعلى العكس فأن حسن الظن يجعلنا مقبلين على الحياة ومرحين، ونتخلص بذلك من الحقد والضغن والكراهية، وتقوية أواصر الرحمة والحب بين الجميع، وحين تتغير المبادئ والقيم والعادات ويتفشى النفاق والكذب يكون سوء الظن حاضرا بشكل كبير

وتدفعنا التجارب الماضية المؤلمة التي نعيشها بتعرضنا لإساءة لاسيما من المقربين إلى الظن بأن أي فرد سنصادفه ونخالطه يحاول الإطاحة بنا، ونتوقع الأحداث المسبقة عنه ما يجعلنا انطوائيين  

فلنحرص على تجنب سوء الظن والتماس العذر للآخرين، وجعل حسن النوايا جزءا من حياتنا وروتينا يوميا نمارسه، وأخذ كلام الناس على محمل الخير، فلا نشك فيهم ولا نطلق الأحكام في نواياهم، كونها لا يعرف بحقيقتها إلا الله.

سرور العلي