يوقظها حلمٌ بشع بل كابوس مظلم كانت تركض فيه هاربةً من ظلها؛ فأطول غفواتها لا تتجاوز الساعتين..
تُرى كم الساعة؟! آه إنها الخامسة والربع فجراً..
أجهشت بـبكاءٍ حاد فدخلت في نوبةٍ من الاختناق تضرب إحدى يداها بالفراش وأخرى طوقت بها عنقها كانت تغرق في اختناقها فصرخ فؤادها بملء صمتها وألمها.. حتى هدأت وتساءلت في ذاتها.
أ لن تنتهي هذه الليالي الطويلة!
كفاكِ تعبت.. بحق قد تعبت.. مرَّ أكثر من شهر ونصف على رحيله ومنذ ذلك الحين وأنا أتخبط في غياهب نفسي واختلاجتها المرّة.. ألم يحن الحين للراحة..
تصفحتْ شرفة الذاكرة.. إنه هناك ذلك اليوم يبتسم يناديها بالعبقرية فكان لقبها الذي ميزّها به بين أخواتها.. ابتسمت فهطل دمعها حاراً غزيراً..
جلست في مكانه.. كأنها تناديه ،تستحضر روحه الباسمة، تناديه علَّه يصحو من رقاده الطويل..
أبي عدْ كفى فراقاً!
كيف سيمضي العمر دونك؟
أبي أو تدري أن الحزن يُحيل دموعي قلما..!
باتت قساوة الفراق أشدُ برداً عليها من شتاء نوفمبر ..
إنه هنا!
إنها السادسة فجراً توقف أيها الزمن.. أرجوك توقف.
ها هو يجلس على سجادته قد أنهى صلاة الفجر ونوافله تواً فاحتضن قرآنه بين راحتيه.. إنه صوته يتلو بكلمات ربي (فصبراً جميل والله المستعان).
دنوت منه قبلّت يديه ثم جبينه.. احتضنته أشكو ألم فراقه.. أبكي يتمي.. ها هي كفه الحانية يمسح دموعي.. كأنه يحتضن قلبي يقبل وجنتي.. أضع رأسي على كتفه أطوقّه بذراعي أضمه إلى فؤادي كأني أخبأه خوفاً عليه من رحيله.
غفوت على أمان منكبيه إنها غفوتي الآمنة الوحيدة بعد فراقه لكنه فجأةً!!
اختفى بحثتُ عنه.. أجلتُ طرفي بأرجاء المكان علّني أجده سجادته، مسبحته، قرآنه، كلها هنا لكن هو الوحيد رحل.
كانت زيارةً قصيرة.
هاجر الأسدي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري