هو وحيدها لا تطيق فراقه
رزقت به بعد عناء
جميل الوجه في مقتبل العمر
كانت تعدُّ لزواجه
اندلعت المظاهرات
قرر أن ينزل إلى ساحاتها
منعته، لم يردعه عن حب الوطن رادع
اضطرت أن ترافقه إلى ساحة التحرير
كلما اشتد جنون الموت
تبحث عنه كالنسرة حتى تجده
ليهدأ قلبها
حاولت كثيراً أن تعيده إلى البيت
مع كل محاولة يزداد إصراراً
يردد أمامها : موطني موطني
تمسكُ بزمام قلقها كل مرة
ذات مساء أُطفأت الأنوار
في ساحة التحرير
نزل الموت يبحث عن عرسان للشهادة
زخات رصاص حي وقنابل مسيلة للدموع
دار الجنون في الساحة
أخذ قلبها يعتصره آلم مفاجئ
صار بوصلة لحدث قادم
هدأت موجة الموت لينكشف الدخان
عن عرسٍ للشهادة أبطاله شباب بعمر الورد
تسمرت في مكانها
عجزت قدماها عن حملها
انتظرت زمناً كأنه الدهر
في غمرة الرعب
حضر أحد زملائه
قال: يا خالة إن عصام أصيب
هو في سيارة الإسعاف
أرسلني يطلبكِ
ساد في داخلها صمت
كأنما الكون صمت ليسمع دقات قلبها
انطلقت نحو سيارة الإسعاف
لتجد وردة تسبح بدمها
كانت إصابته خطيرة
صعدت إلى السيارة وضعت رأسه على صدرها
فتح عينيه وابتسم لها
قال: سامحيني أمي
لم تترك لي الرصاصة خياراً
لم ترحمني ولم ترحمكِ
أخذتها الدموع وأخذ المسعف يوقف النزيف
اختلط دمعها مع دفقات الدم النازف من صدر عصام
وصلوا المستشفى تلاقفه الأطباء أدخلوه غرفة العمليات
خرجت روحها ترافقه صحبة الأطباء
مضت ساعة قبل أن يعود لها المسعف
قال: أبشري يا خالة الأطباء سيطروا على النزيفأخرجوا الرصاصة اللعينة من صدره
حالته الآن مستقرة بفضل الله
مازحها المسعف قائلاً: ما هو شعوركِ الآن يا خالة
قالت والفرح يزرع كل وجهها: أشعر أني ولدتُ عصام من جديد
انطلقت نحو عصام لتضمه من جديد
كمولود نجى من ولادة متعسرة
محمد موفق العبيدي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري