نظر إليهما نظرة حانية ، وأشفق ان يقبلهما قبل التحاقه ! لأنهما لم يناما إلا بعد منتصف الليل ...
ﻻ اعرف ... هل كل المجاهدين هكذا يحتفلون في اخر ليلة بأطفالهم ويجانبهم النوم حرصا على اخر السويعات الدافئة او ﻻ ؟ لعله يخفي السؤال في نفسه حرصا على دوام النعمة ...
كانت الابتسامة ما زالت تملئ وجهه وروحه منذ ليلة أمس ...
حمل حقيبته ليخرج ، فحانت منه التفاتة الى زوجته ، وضحك متعجبا
ـــ " انت مستيقظة ؟ "
فلم تجب ... لذلك وضع حقيبته على الأرض ، وجلس قرب سريرها ، مدركا عدم رضاها ، وحسرة تكتمها في صدرها ...
حاول ان يغير الجو بطريقته المعهودة ، من خلال افتعال أزمة غضب ، ليؤنبها ، فتنشغل عن نفسها ، قائلا " كم يؤسفني ان تكوني مستيقظة ، واخرج من البيت جائعا !!! كان عليك ان تفكري لعلها تكون المرة الاخيرة " .
لم يدر ان تلك الكلمات ستفجر هذا الكم الهائل من العاطفة والغضب ، عبثا حاول تهدئتها حتى ﻻ يصحو الأطفال ، لكن دون جدوى ، لقد قررت ان تقول كل شيء في الوقت المتأخر ...
ـــ " انت تتركنا لتجاهد في سبيل الله ، وتنال النعيم ، أما نحن فنبقى نتلفت مخافة ان نكون ضحايا المفخخات والتفجيرات ، نحن بخطر ... افهم ... ليس الخطر في مكحول فقط وﻻ في بيجي ، أنا أحيانا أخاف ان اخرج من باب داري " ...
اطرق مليا ، ليستوعب خوفها ثم قام من جلسته ووضع يده على رأسها بعطف ، تاليا آيات من القران الكريم حتى سمحت نفسها بالبكاء ، وارتدت أنفاسها، فسألها بجد ...
ـــ " هل لو بقيت معكم استطيع ان امنع التفجير ؟ أم اني سأقف بلا حول وﻻ قوة ؟ هل تعرفين انهم يضربون ظهورنا لكثرة ما أوجعناهم في السواتر ، الله حاميكم وحامينا " ...
عجز ان يشرح اي شيء اخر ، فقرر أن يمضي لحال سبيله ...
على باب الغرفة ، كانت يدها ما زالت بيده ومن ذلك الدفء تولدت ابتسامة رضا ...
ـــ ان الأمر لله وحده ، فلنسلم له أمرنا ويعين احدنا الأخر على طاعته ...
حاولت ان تعتذر فلم يقبل ، هو يشعر بصدقها وكثيرا ما بكى رحمة لهم حين يسمع خبر تفجير في مكان ما ... فشّد على يدها بقوة قائلا : " زينبية زينبية " ، فاحيا فيها كل عزم وكانت كما قال .
لبنى مجيد حسين
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري