مصبوغا بدمي ..هكذا عدت ...
لم اخجل ان اطرق الباب وأنا بهذه الحال ؛ بل لم أبصر غير طريق بيتي ، فذلك طريق آلَفَتهُ أقدامي ؛ فعادت بي دون عقل .
حملتهم واحدا واحدا ... إخوتي ، اوﻻد عمومتي ، أصدقائي ، شيخي ، الكل كان حاضرا في العزاء ، الكل كان على موعد مع القدر ... الكل كان يلعن الإرهاب والامساخ لكنهم لم ينتبهوا فقد تسلل بينهم بلباس ضيف مسالم !
دخل ليقرأ الفاتحة ... فكّبر وفجّر !!!
وتطاير الخبر كالنار في الهشيم ، وصوت الانفجار طرق كل باب : " هلموا لأولادكم الغرقى ببحر الدم " ...
ما زلت أتنفس ... كما أني لم افقد عقلي بعد ... يعينني على ذاك لفظ أنفاسهم ... " يا علي ... يا علي " ، همسات محتضر ؛ تفيض مع الدم لتصبغ ملابسه وتدخل وجداني ... اردد معه " يا علي ... يا علي" ، بهمس ؛ مخافة ان اقطع احتضاره ... شفتاي جفتا من الصدمة وشفتاه توردتا من الدم ... أضعه باحترام ... اركض ﻻخر ... يناديني احدهم ... يصيح علي مسعف ﻻعينه ... أدورُ برأسي ، انطلق ﻻقربهم ... احمله مرة اخرى ... لم يعد يخيفني الدم ... لونه لون زهرة ! فلمَ الخوف ؟ لمَ الخوف ؟ احدث نفسي وارتجف وانطلق وأعود ... ﻻ وقت للدمع ... ﻻ وقت للصدمة ... انه وقت قطاف ... قافلة الشهداء ترحل سريعا ... أضنهم يجودون بأرواحهم ليرحلوا ... حضرت سيارات الإسعاف ، وتولى الجميع المساعدة ؛ فيما انسحبت أنا الى الخلف ؛ لم أحظى بحي واحد ، أعود به لمنزلي !
إيه زهور وطني ؛ لونكم القاني لوّن كل شيء ؛ حتى باب داري ... لكني لم افقد عقلي ... فثمة ما يربط على قلبي ... فنحن اوﻻد علي ... نحن اوﻻد علي .
سأغير ملابسي وأعود ...
سأصحبكم إليه ...
ليسقي ورودكم الذابلة ؛ فتزهوا نفوسكم من جديد .
لبنى مجيد حسين
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري