زينب الكبرى ... العقيلة الهاشمية وسليلة بيت النبوة ، والعالمة غير المعلمة على حد وصف أبن أخيها الإمام زين العابدين عليهما السلام .

تلك التي تجسدت فصارت جبلا للصبر ، فمن علي له شجاعة ومن الزهراء لها كبرياء وطهر .

تلك التي خيبت آمال ساذجات لبني أمية واضغاث احلامهم في إبادة ثورة اخيها الحسين الشهيد عليه السلام .

خيبت امالهم في اطفاء شعلة الثورة ... واي ثورة ، أنها الثورة التي بذرها أمير المؤمنين عليه السلام من ثائرة مبادئه ، وسقاها الإمام الحسن المجتبى من كبده الحرى ، ليفجرها بعد ذلك الإمام الحسين عليهم الصلاة والسلام ، وكانت بذلك أعظم ثورة شهدها التأريخ وتمثلها كل ثائر ومصلح ومجدد .

لا محالة ، ان خروج الإمام الحسين وأهل بيته وبعضا من بنو هاشم الى كربلاء لم يكن اعتباطا ، إنما وراءه ما وراءه من مقاصد حكيمة بل وقضية ما ، وقضية عظيمة ، فراح كلٌ منهم يحمل على عاتقه دوراً مهماً ومشهداً مختاراً من مسرح البطولة في كربلاء المقدسة ، ومنهم جبل الصبر زينب الحوراء .

كان للحوراء عليها السلام دورها العملاق منذ خروجها مع أخوتها ، لترافقهم في كل ما يمرون به من محن ،  راضية بقضاء الله وحكمه ، فكانت رفقتها هذه ، بداية لمشوارها البطولي ، خاصة وهي عالمة، تعلم فداحة المصير وما سيجري على رأسها من المصائب ، مقتدية بأبيها أمير المؤمنين الذي قابل مصيبة امها الزهراء بالصبر والإيمان .

وللحوراء عليها السلام قولة حق وصولة صنديد ، سيما بعد أن أجهز الجيش الأموي على الإمام الحسين عليه السلام ، فنراها تشق صفوف الجيش بحثا عن الجثمان الشريف ، والكل ينظر متحسباً لردة فعلها العلوي عندما ترى منظرا مروعا كمنظر مصرع أخوتها ، وبالخصوص اخيها الحسين المظلوم عليها السلام مقطعاً بالسيوف وقد وطأته حوافر الخيل ، وأحرقته حرارة الرمضاء ، لتحير بها الألباب والتوقعات ، خصوصا عندما شخصت ببصرها الى السماء بعدما رأت اخيها صريعا مسجى ، لتقول بنبرة الإيمان والقوة : " اللهي تقبل منا هذا القربان " لتوقد بذلك ، أول شرارات دورها الإعلامي في واقعة الطف ، لتسجل بذلك أول هزيمة لبني أمية ، لأنهم اعتقدوا خطأً بأن قتل الحسين عليه السلام سيكون الحد الفاصل لمن اراد التمرد عليهم ضما منهم بأن ليس من احد سيجرأ على متابعة المسير للثورة ضدهم  .

الا ان السيدة الحوراء ، قد اعلنت بداية حربها ضد الانحراف من خلال دورها الإعلامي الكبير في تجلية الحقيقة وبيان أهداف الثورة الحسينية ، متخذة من العقيدة والايمان والصبر سلاحاً تنفض به غبار الويلات والمصائب ، ولسان حالها يقول بأنها التتمة الحقيقية للإمام الحسين عليه السلام وأن كانت بسلاح الصبر والصوت المدوي  .

لهذا وذاك ، فقد صيرت الحوراء شخصية فريدة ، وتركت أثراً واضحاً يستحق ان يقتدى من قبل نساء اليوم ، خاصة مع ما يمررن به من مصائب وأحزان ، خصوصا اللواتي فقدن ازوجهم وأخوتهن واولادهن في حربهم ضد داعش ، وبذلك فأنه ـ الحوراء ـ خير اسوة وقدوة يمكنهن ان يسرن خلفها بخطى واثقة لمساندة اقرانهن من الرجال في معركة مصيرية كل ما اختلف فيها الأسماء ليس الا ، مما الزم المرأة العراقية ـ في وقت يخوض فيه العراقيون اشرس معركة في اثبات الذات قبالة افواج التتر والهمج من شتى بقاع المعمورة ـ ان تتزينب لمساندة اخيها وزوجها وابنها وابيها في طفوفهم الجديدة .

نغم المسلماني