لم تكن خطواته متزنة !!!
كان هنالك أكثر من هاجس يراوده ... أراد أن يرتب كلماته ويتمتم بها ليحفظها ، فبعثرتها تشظيات أفكاره ، فتلك اللحظة لم يألفها من قبل ، إذ لم يكن الوداع ضمن حساباته ذات يوم ، ولم تكن هي كذلك في حياته ، فهو اليوم صار مقبل على حياة جديدة ، له خطيبة تنتظره بشوق ، ليودعها ، وليحمل تفاصيل وجهها في مخيلته ويملئ أنفاسه من عطرها ، له حبيبة مهتمة به ، تنتظر رجوعه بعد التحاقه الأول في ميدان الشرف والكرامة .
وفي خصلة زمنية ، كأنما الزمن توقف فيها ، وفي لحظة وصوله ، وعندما رآها ، لم ينطق ! فحرارة اللقاء كانت أعمق من الحديث ، ولأنه أراد أن يكسر حاجز الصمت في ذلك الموقف ، بدأ يمازحها بعبارات عسكرية ، قال لها : " أمرك سيدي ؟ " ويداه ترتفعان الى صدغه بتحية مشرئبة بابتسامة ناعمة ، ابتسمت له مع أن دموعها كانت تتساقط على وجنتها كحباحب المطر ، أزعجه ذلك ، فخاطبها بجدية هذه المرة قائلا : " أين وعدك لي بأنك ستمنحينني القوة وبأنك ستشجعينني وتتباهي بخطيبك البطل ؟ الم تخبريني باني أوسم بزيي العسكري ؟ أين كلماتك الان ؟ أرجوك تذكريها فأنا بحاجة لابتسامة واثقة من وجهك الجميل ، لأن فيها أمل بأننا سننتصر ونعود .
وفي تلك اللحظة خرجت عن صمتها وقالت : " ماذا لو لم تعود ؟ " فأجابها سريعا : " سأنتظرك هناك لن أتزوج غيرك حتى لو في السماء " ، ثم أستدرك قوله ونطق لسانه بكلمات لم تتفق مع قلبه وقال : " أن لم يكتب الله أن أكون زوجك سيكتب لكي مع رجل أخر ، فالحياة لا تمنحنا كل شيء والأقدار تقلبنا كيفما تشاء " .
أراد بكلماته هذه أن يحدثها بجميع الاحتمالات وأن كان ما صدر منه قاسي ألا انه الواقع .
بعد ذلك ، أحكمت نظارتها بعينيها وقالت له : " أمضي يا بطلي ، وستعود لي بأذن الله ، وأن لم تعد فكن على وعدك وانتظرني لأني سأحفظ وعدي ، فانا لن أكون لغيرك ، سأكون أن شاء الله شريكتك في الدنيا والآخرة ، هذا وعدي اليك " .
ايمان كاظم الحجيمي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري