في زحام الدنيا، حيث تعصف بنا رياح الأقدار بين مدٍّ وجزر، تبقى هناك أرواحٌ نقية، كأنها قبسٌ من نور الجنة يسير بيننا، إنها المرأة التي اصطفاها الله لتكون طيفًا سماويًا على الأرض، تحمل في عينيها سكينة الجنة، وفي قلبها يُنبوع الرحمة، وفي كلماتها عطر الفردوس.
كيف لا وهي التي خصَّها بالذكر أمير المتقين بأنّها ريحانة وليست بقهرمانة؟ فكيف إذا كانت هذه المرأة تُجسد الطهر والصفاء، وتسير على خطى الزهراء (عليها السلام) في عفتها، وعلى نهج زينب (عليها السلام) في صبرها وثباتها؟ إنها الحورية التي لا تنتظر الآخرة لتكون من أهل الجنة، بل تصنع من وجودها في الدنيا فردوسًا لمن حولها.
تلك الحورية ليست وهمًا من نسج الخيال، بل هي كلُّ امرأةٍ أخلصت في إيمانها، فأضحت نورًا لمن حولها، متمثلةً بالزوجةِ التي تكون لباسًا لروح زوجها كما يكون لها، وهي الأم التي تغرس في أبنائها قيم الحسين (عليه السلام) وإيثاره وشجاعته في قول الحق والدفاع عنه، وهي الأخت التي تسند بحنانها ظهر أخيها كما ساندت زينب أخاها أبا الفضل العباس (عليه السلام).
وهي تلك الريحانة التي إذا سارت في درب الدنيا، تركت أثرًا طيبًا كما يترك الريحان شذاه في المكان، تتعب.. لكنها لا تشتكي، تحزن، ولكن الأمل يسكن قلبها، تُظلم، لكنها تَستضيءُ بنور اليقين، في وجهها نور العبادة، وفي قلبها دفء الولاء لمحمد وآله الطاهرين.
تلك الشمعة التي تذيب نفسها لتضيء درب أبنائها، وتسقيهم من شِغاف روحها، وتُفني شبابها فداءً لصلابة أجسادهم، تلك الملاك الساهر في الليالي رافعًا يديه توسلاً لله عز وجل بأن يحفظ رياحين قلبها كتميمةٍ تخطُّها بدموع عينيها، فَتحفظهم تلك التمتمات من نوائب الدهر وخبايا الأيام.
إنها حورية الجنة التي وهبها الله للدنيا، لتكون آيةً على أن الجمال الحقيقي ليس في المظهر، بل في الروح، وأن الجنة لا تبدأ بعد الموت، بل تبدأ من القلوب الطاهرة التي تعيش بحب الله وتسير في درب الولاية على نهج محمد وآل محمد الأطهار.
المرفقات

واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري