كتاب "جسمك يتذكر كل شيء" هو من تأليف الطبيب الفرنسي دانييل سيغال. يركز الكتاب على فكرة أن الجسم لا ينسى الأحداث والذكريات المؤلمة أو الصادمة التي قد يتعرض لها الشخص في حياته، حتى وإن لم تكن هذه الذكريات حاضرة في الوعي. المؤلف يناقش كيف أن هذه التجارب قد تُخزن في الجسم على شكل توترات أو مشاعر غير مفهومة وتؤثر على الصحة العامة للفرد.
يرى الكاتب أن الجسم والعقل مترابطان بشكل عميق، وأن معالجة الذكريات المؤلمة والمواقف السابقة ليست محصورة في العقل فقط، بل تحتاج إلى التعامل مع الجسم أيضًا، خصوصًا من خلال تقنيات مثل العلاج بالتدليك أو العلاج بالجهاز العصبي. العلاج الفعّال لا يتطلب فقط التركيز على المشاعر أو الذكريات العقلية، بل يجب أن يتعامل مع الجسم ككل ويساعد في استرجاع تلك الذكريات المخزنة والعمل على تخليص الجسم من التأثيرات السلبية لهذه التجارب.
قدم الكاتب مجموعة من المفاهيم الأساسية منها:
1- الترابط بين العقل والجسد:
الكتاب يستند إلى فرضية أن العقل والجسد لا يعملان ككيانين منفصلين، بل هما مترابطان بشكل وثيق. عندما يتعرض الشخص لتجارب مؤلمة أو صادمة، قد لا يعبر العقل عن هذه المشاعر بشكل كامل أو قد يحاول نسيانها، لكن الجسم لا ينسى هذه التجارب ويحتفظ بها في شكل توترات عضلية، آلام، أو أعراض جسدية أخرى، وبالتالي، يمكن أن يعاني الشخص من مشكلات جسدية دون أن يدرك ارتباطها بأحداث عاطفية سابقة.
2- الذكريات المخزنة في الجسم:
دانييل سيغال يوضح أن الذكريات المؤلمة أو الصادمة، حتى لو لم تكن حاضرة في الوعي الواعي للفرد، يمكن أن تظل مخزنة في الجسم وتؤثر على سلوكياته وتفاعلاته، على سبيل المثال، قد يشعر الشخص بالقلق أو الألم الجسدي دون أن يكون على دراية بأن ذلك مرتبط بتجربة قديمة من الطفولة أو حادث صادم، هذه الذكريات تُخزن في خلايا الذاكرة الجسدية، ويُعتبر الجسم شاهدًا على كل ما مر به الشخص.
3- العلاج الجسدي والنفسي:
من خلال الكتاب، يُقدم مفهوم العلاج الشامل الذي يتضمن معالجة الجسم والنفس معًا، العلاج التقليدي قد يركز فقط على العقل والمشاعر، لكنه أحيانًا لا يكون كافيًا إذا كانت الذكريات المؤلمة مخزنة في الجسم، لذلك، يُشجع الكتاب على تقنيات العلاج التي تعتمد على الجسد مثل "العلاج بالحركة" أو "العلاج بالتدليك" أو حتى تقنيات التنفس، التي تهدف إلى تخفيف التوترات الجسدية الناتجة عن الصدمات العاطفية.
4- التفاعل العصبي والذكريات:
الكتاب يسلط الضوء على دور الجهاز العصبي في تخزين الذكريات، وفقًا للبحوث في علم الأعصاب، عندما يتعرض الشخص لصدمة أو تجربة شديدة، فإن الجهاز العصبي يسجل هذه اللحظات بطريقة تختلف عن الذاكرة التقليدية، هذه الذكريات لا تُخزن على شكل كلمات أو صور فقط، بل قد تُخزن في الجسم كحالة من التوتر أو القلق المستمر.
5- الشفاء والوعي الذاتي:
من النقاط المحورية في الكتاب أن الشفاء لا يتطلب فقط معرفة أو تذكر الماضي، بل يتطلب أيضًا وعيًا بالجسد وبالتأثيرات التي يتركها عليه، عملية الشفاء تحتاج إلى التعامل مع الجسد على مستوى أعمق، وفهم كيف أن المشاعر والتجارب العاطفية يمكن أن تترجم إلى أعراض جسدية، يصبح الشفاء عملية شاملة تتطلب الانتباه إلى كل من الجسد والعقل.
6- العلاج النفسي البدني (Body-Oriented Psychotherapy):
الكتاب يشير إلى نهج العلاج النفسي البدني الذي يجمع بين التقنيات النفسية والعلاج الجسدي، هذا النوع من العلاج يركز على التنسيق بين العقل والجسد، ويشمل تقنيات مثل التنفس العميق، اليوغا، أو الحركات الجسدية التي تساعد على تحرير الذكريات المخزنة في الجسم وتساعد الشخص في التكيف مع التجارب المؤلمة السابقة.
7- دور الوعي الجسدي:
في نهاية المطاف، يوضح الكتاب أهمية أن يكون الشخص على وعي بتجارب جسده، فالوعي بما يشعر به الجسم وما يعاني منه يمكن أن يكون مفتاحًا لتحرير التوترات والذكريات السلبية التي تعوق الشفاء النفسي، يعتبر الوعي الجسدي أداة مهمة في معالجة هذه المشاعر المكبوتة.
8- الشفاء من خلال التواصل مع الجسد:
الكتاب لا يقتصر على الجانب النظري فقط، بل يقدم أيضًا اقتراحات عملية للتعامل مع الذكريات الجسدية. من خلال التفاعل مع الجسم بشكل أكثر وعيًا، يمكن للأفراد تحسين فهمهم لآلامهم الجسدية والنفسية والعمل على تحريرها، وهذا يمكن أن يتم من خلال العلاج الجسدي المتنوع، تقنيات التأمل، أو حتى ممارسة التمارين الرياضية التي تساعد في التخلص من التوتر.
الكتاب يقدم رؤية مبتكرة لربط العقل والجسد في سياق الشفاء النفسي والجسدي، يرى الكتاب أن التوترات والآلام الجسدية التي يعاني منها الشخص قد تكون نتيجة لصدمات نفسية قديمة، وأن معالجة هذه الصدمات تتطلب علاجًا يشمل العقل والجسد معًا.
المرفقات

واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري