ان الحديث عن اية مائز او فرق بين عقل المرأة وعقل الرجل والتالي عقلانيتهما ، يحتاج الى مستند شرعي وعلمي بل وتلازمهما بالضرورة ، لذا فسنزاوج في هذه الأسطر بين حديث أمير المؤمنين (ع) بخصوص نقصان عقل المرأة والرأي العلمي بخصوص ذلك .

فعن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام قال : (( مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ إِنَّ اَلنِّسَاءَ نَوَاقِصُ اَلْإِيمَانِ نَوَاقِصُ اَلْحُظُوظِ نَوَاقِصُ اَلْعُقُولِ فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ اَلصَّلاَةِ وَ اَلصِّيَامِ أَيَّامَ حَيْضِهِنَّ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ اِمْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى اَلْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ اَلرِّجَالِ فَاتَّقُوا شِرَارَ اَلنِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ وَ لاَ تُطِيعُوهُنَّ فِي اَلْمَعْرُوفِ حَتَّى لاَ يَطْمَعْنَ فِي اَلْمُنْكَرِ )) .

علميا ، فقد اكدت دراسات وابحاث حديثة وكثيرة حد التواتر العلمي[1] أن ثمة فوراق بين عقل المرأة  وعقل الرجل ، ومن عدة جوانب ، فمن حيث الكثافة الحجمية للدماغ ( الكتلة المادية للعقل )، فقد ثبت علميا ان دماغ المرأة أصغر بنسبة 10%  من دماغ الرجل، ونفس الشيء بالنسبة لقلبيهما (ذكرنا القلب هنا باعتبار جزء من عمليات المعالجة المنطقية ( العقلنة ) يكون في القلب ، وهو ما ذكرته القرآن الكريم : (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )) ( محمد ـ 24 ) ، (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾) ( الحج ـ 46 ) ، إذ ثبت علميا ان للقلب خلايا عصبية وعصبونات وليس كما كان سائدا بأنه مضخة دم ليس الا .

كما أن صغر حجم دماغ المرأة سيؤدي حتما الى قلة اعداد خلاياه قياسا بالرجل وكونها ( أي الخلايا العصبية ) دقية وميكروية فأن هذه الفرق سيؤدي الى فارق كبير في أعدادها، يصل الى مليارات الخلايا بما نسبته 4%  دون عديد خلايا دماغ الرجل، فضلا عن عدد العصبونات ( الوصلات الدماغية الرابطة بين هذه الخلايا ) والتي لوحظ قلتها لدى المرأة بقياس قرينها الرجل، واخيرا فأن المرأة اقل إنتاجا لهرمون serotonin (المسؤول عن السعادة ) بنسبة (50%) عن الرجل [2]، مما جعلها أقل قدرة على التأقلم مع الظروف الصعبة وبالتالي امكانية اصابتها بالحزن والاكتئاب أكثر من الرجل وهو ما كان قد ذكره القرآن الكريم بخصوص الحزن وعلاقته بالمرأة (( أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ﴾) (القصص ـ 7) ، ((فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ
سَرِيًّا )) ( مريم ـ 23 ) .

كما أن قلة عدد عصبوناتها، أدى الى بطئ تفكيرها بسبب بطئ نقل البيانات بين هذه العصبونات فضلا عن معالجتها مما رشح لديها الميل العاطفي كمائز نوعي عن الرجل باعتبار ذلك الحالة المثلى
لأصل تكوينها  .

وبذلك فأن هذه الفوارق ادت الى تباينات كثيرة بينهما، اشتملت على طرائق تفكيرهما وآلية معالجة البيانات فيها وبالتالي ردود افعالهما حيال الأشياء فضلا عن السلوك والاهتمام والنظرة والتخيل والتوقع وما الى ذلك .

الا ان الغريب في ذلك، أن هذا النقصان العضوي لم يؤثر على طبيعة المنتج العقلي، إذ ثبت علميا أن رغم هذه الفوارق في الحجم والوزن وعدد الخلايا ، فأن دماغ المرأة أنشط من دماغ الرجل وهو في حالة نشاط دائم حتى خلال النوم مما أنعكس حتى على احلامها التي باتت هي الأخرى اكثر نضوجا من احلام الرجل .  

وبين هذا وذاك ، نلمس ان لكل عقل ومن خلاله الدماغ مهام ووظائف تكوينية خاصة به وملائمة لطبيعته من حيث الحجم وعدد الخلايا ، إذ أن الهندسة الإلهية اللامتناهية الحكمة قد منحت كل منهما ( المرأة والرجل ) ميزات تتناسب مع طبيعة المهام الموكلة لهما بيولوجيا، وبذلك فأنهما يعملان بشكل مثالي حسب ما خُطط لهما، ويؤدي كل منهما مهامه بشكل كامل، وفي هذا دلالة واضحة على العدالة الإلهية في اصل الخلقة إذ أنه جل وعلا لم يجعل ذلك معيار للأفضلية والتمايز بل حصره بمعيار اكثر صدقية وعدالة الا وهو معيار الإنتاج والعمل .

وفي صدد ذلك وجد ان لكل منهما ( المرأة والرجل ) مهام وظيفية خاصة وبالتالي سلوك واهتمام خاص، إذ أن الرجل يحتاج أن يتصرف وفق طبيعته الذكورية كما تحتاج المرأة أن تتصرف وفق طبيعتها الأنثوية وليس من الحكمة المقارنة بين سلوكياتهما ولا يصح البتة إن ينكر احدهما حق الأخر في ان يسلك ما ارداه الله له .

أما موضوع التمايز بين طرائق تفكيرهما او ما يسمى بالمعالجة العقلية (المنطق الرياضي)، وجد ان آلية عمل العقل الذكوري تعتمد مبدأ الخزانات (BOXES) في حين تعتمد ألية عمل العقل الأنثوية مبدأ الروابط الشبكية (LINKS) وبالتالي فأن عقله صندوقي وعقلها شبكي .  

وحسب ذلك ، فأن طبيعة الخزانات ( لدى الرجل ) تبوب حسب المواضيع والأهمية، الا ان هذه الألية بالنسبة للرجل ستجعله يعتمد مبدأ معالجة ضيقة أذ انه يركز في خانة او خزانة محددة وبالتالي لا يسعه ان يعمل في خزانة اخرى ، فلو كانت له خزانة عمل واخرى للذكريات وثالثة للمواهب ورابعة للأصدقاء ، فلا يمكنه الدمج بينهما والتفكير بأكثر من خزانة ، لذا يمكننا تسمية ذلك بالتفكير البسيط في حين ان تفكير المرأة (كونه شبكي) يوفر لها القدرة على تشبيك افكارها وبمعادلات كبيرة دون تقاطع بل ويوفر لها القدرة على التنقل بي هذه الروابط بسرعة كبيرة بسلاسة متناهية وبدون أي إرهاق عقلي وعليه فأن تفكيرها مركب .

ووفقا لذلك، فأن هذا التمايز (وان سمي نقصان) انما هو توزيع ادوار وبالتالي فأنه يعزز مفهوم تكاملهما بشرط البينية بينهما وليس كل على حدا  .

لذا وبعد كل هذا وذاك فأن قول امير المؤمنين (ع) في نقصان عقل المرأة، لا يراد به التنقيص أنما هو كشف لمداليل علمية ومتعلقات ذلك من الجانب السيكولوجي والعاطفي فضلا عن الديني ، ومنه نستطيع استنتاج ما يلي :  

1.  ان الحديث العصموي بخصوص نقص عقل المرأة دقيق جدا من الوجهة العلمية ، وهو ما قد اثبتته الدراسات الحديثة عن صغر دماغ المرأة قياسا بقرينها الرجل من حيث الوزن والحجم وعدد الخلايا والعصبونات وكمية الهرمونات المفرزة من خلاله .

2.  إن هذا النقصان ، إنما هو نقصان تكويني (خلقي ) ولا يعني انها اقل منه قيميا كونه نقصا قهريا من لدن حكيم عادل ، بالتالي لا يمكن اعتماده نقصا وذما خصوصا وأن الله جل وعلا قد وضع معيار أوحد في سبيل التمايز قوامه العمل الصالح وليس غيره ، قال تعالى: (( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)) ( آل عمران ـ 195 ) .

3.  إن طبيعة هذا التمايز الخلقي إنما هو تمايز توظيفي له علاقة بخصائصهما وبالتالي المهام الموكولة لهما لاستمرار النوع الإنساني ، فلعاطفتها الجياشة دور حقيقي وضروري لا يمكن ان تشغله بتعقلنها ، وهو ما صيرها عاطفية تغلب الرجل بعاطفتها وبالتالي اكثر صبرا واقدر على تحمل مصاعب وآلام ومشقة الحمل والطلق والوضع .

4.  ان هذا التمايز وتعدد الأدوار إنما هو مما هندسته الحكمة الإلهية ، وبالتالي فلا مناص منه او اختار غيره، فمن غير الحكمة أن تمتاز المرأة عن الرجل بعضلتها او قوتها البدنية ولا حتى مساواته به، إذ ان ذلك سيؤثر على ميزة الإثارة والعاطفة التي تمتاز بها عليه .

5.  ان متضمنات قول امير المؤمنين (عليه السلام) له مداليل تكوينية تختص بالمرأة وبالتالي فليس فيها من ذم او تنقيص إذ لا تعد عاطفتها نقصا بل كمال لها .

6.  ان مفردة النقص لغويا لا تعني السلب ، إنما تعني القلة والغياب للشيء المنقوص فضلا عن أنها تعني من جهة اخرى التقدير الصائب ، فحيث الأرض ننقصها أي نأخذ ببعضها إكمالا لها (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) ( الرعد ـ 41 )  .

7.  ان نقصان العقل هنا انما مورده طبيعة عمل عقلها الذي يشبه الذاكرة العشوائية في الحاسوب (RAM) والتي تفقد خزينها بمجرد انقطاع التيار الكهربائي عنها ، أي اني فصها التخزيني اقل كفاءة من الفص التخزيني لعقل الرجل وبهذا فأن عقلها ناقص من حيث التذكر مما انعكس على ان تكون شهادتها بنصف شهادة قرينها الرجل  .

8. وأخير فأن هندسة هذا الوجود وحكمة خلقه وعدالة خالقه تستوجب بالضرورة العدل فيه إنشاءه والعدالة في توزيع الأدوار والمهام ، فلس من تمايز بين الذكر والأنثى فيقوله جل وعلا (( قَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )) (الأنسان ـ 4 )  .

[1] . نقلا عن موقع الكحيل للإعجاز العلمي ، في بحث صدر عن جامعة هارفارد (2007) تقول الدكتورة Jill Goldstein هناك فروقات كبيرة جداً بين عقل الرجل وعقل المرأة سواء في    

الحجم أو الوزن أو كيفية معالجة المعلومات، كذلك هناك فروقات في عدد خلايا كل منطقة من مناطق الدماغ... وبشكل عام دماغ المرأة أصغر من دماغ الرجل .
[2] . كتاب ( المخ .. ذكر ام انثى ) للدكتور نبيل كامل - خبير التنمية البشرية والدكتور عمرو شريف - استاذ الجراحة بجامعة عين شمس نقلا عن تريفور روبينز، أستاذ العلوم العصبية بجامعة

كامبريدج البريطانية .

بلاسم الشمري