كنا قد ودعنا، ونحن ننصرف من المقالة الأولى، دون ان نبغ الشأو، ولم نلغي السهو، المتبادر للذهن، من لفظة (السهو)، هو الغفلة، أو إنصراف التفكير عن الحضور، فيما هو مباشر، أو قفزه وتجاوزه ، ليس قصداً، ولا تعمداً، فيما يجب أن يحضر، وفيما يلزم أن يضاف ، والمعنى التالي أو الآخر، لكلمة (السهو)، هو انخفاض في سطح الأرض، أو عمق متواضع، وكلا المعنيين، أو المدلولين، تلبسا نسيج النص السابق، أو علقا بتفكيره في الموضوع، أو تشبثا بالمحاولة والمعالجة، والسهو في التفكير وفي النصوص، عاهة تكوينية، كما السهو في الأرض بالتمام، أو نقول على طريقة قراءة النص الحديثة : السهو هو منخفض أرض النص ، لا يصيبه التفكير، وتقفز عليه التشكيلات الكلامية ، ومن وجهة نظر معينة ، لا يعتبر هذا خللاً، ولا مزلقاً ، ولا مطباً، لأنه يترك للقارئ ، عفوا وبدون تعمد ، ليسهم في بناء النص ، أو ملء الفراغات، وشغل البياضات، الى أين أيها الشارد ؟، ما وجهتك أيها الهائم ؟ أ أنت متحير لأن الموضوع كبر عليك ؟ وأن الإحاطة فلتت منك ؟ أم أنت عيي ؟ لا الذاكرة تملك الزاد اللغوي المحترم ، الذي يكافئ الموضوع، ولا العقل قادر على الهندسة والتخطيط ، أو الإعمار والبناء، أو استثمار الكلمات المنتقاة ، أو وقد اخضعت للنحت والصقل ، ولا على إبتكار التراكيب النجيبة ، والأساليب اللبيبة، أم أنت براجماتي ومناور، تستدرج القارئ، وتهدهد على المتلقي وتناغيه ، أحسب أني تمحضت للصراحة، وقد جعلت معالم النص كلمات ثلاث، الشأو والسهو بمعنييه، ما يعني مدلولين لكلمة واحدة، أو جعلتها نقاط علام، أن لي ببلوغ شأو السيدة فاطمة عليها السلام ، أو ذروتها، بل ذراها ؟، وكيف لي أن أغوص الى عمقها، بل أعماقها، قليل من العمق، أو أقل الأقل، قد أوفق في تلمسه، أو إصابة النزر اليسير منه، إن هناك أصول وفصول لهذه الشخصية الخارقة، أو الاستثنائية، لأن لها مناحي وأوجه، إذا كانت للمرأة كل مرأة، مركز، وأشعة تصل المركز بالمحيط، وهو ما يمكن أن نصطلح عليه بالوظائف، أو حاجات حياتية تلبى، أو أغراض معيشية، تدبر وتصرف، أو تدار وتقضى، وإذا كانت هذه رهن بالتنشئة الإجتماعية، أو موكولة للتربية والتعليم، وعليه فإن ما يتبادر الى الذهن، ويسبق الى الخاطر، مباشرة وتلقائياً، هو القدوة، والمدرسة، والمنهج، ومادة التنشئة الإجتماعية، أو التربية والتعليم، وهل غير السيدة الفاطمة عليها أفضل الصلاة والسلام ؟ تجسد هذه الخلال والشمائل، وتستوعب فيها وزيادة، هذه المصطلحات والمفاهيم ، وهنا تنتصب مواقفها الشماء، في محطات معينة، معروفة، وتعرض كلماتها وخطبها، أو تلوح بسطوع أشعتها ، وقد حفظت في بطون الكتب ، وحفظت في ذاكرة العشاق المتيمين، وهي تتلى في كل المناسبات، والمحافل، من لدن المحاضرين والخطباء ، كأدعيتها، وأدعية زوجها، وأولادها عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وتحتاج الى عبقرية ، وموهبة ، وجهد ، وزمن، لدراستها وإيلائها، ما تستحق من تفسير وتحليل

محمد الفاضل حمادوش