توجد مقولة مشهورة تقول: (لا تكن ليناً فتعصر ولا تكن صلباً فتكسر) من الضروري وضع هذه المقولة في قالب التقييد والتفصيل في ظروفها حتى نستثمرها بالطريقة الصحيحة، فالمقولة تدعو الى التوازن في تفاعلاتنا النفسية مع المواقف العامة

فلا تكن حادا صلبا في استجاباتك فتخسر الكثير من القلوب ولا تكن متميعاً في المواقف العامة حتى لا تكون ضحية للاستغلال فتكسب القلوب وتخسر نفسك.

الأمر يتطلب حالة أدعوها (الموقفية) أي أن المواقف تتطلب ذكاء في التنقل ما بين طرفي المعادلة فما بين حد الصلابة وحد الليونة هناك مساحة واسعة تضم بداخلها عدة تقنيات وطرق، هذا لا يعني الاستغناء عن الصلابة ببعض المواقف أو الليونة ببعض المواقف على العكس فان بعض المواقف لا تتقوم إلا بالصلابة والقوة والحزم والبعض الآخر لا يمكن أن يمر إلا من خلال بوابة الليونة والرفق فالعملية لا تقتصر على (الصلابة) و (الليونة) وإنما التنقل ما بينهما والاختيار من التقنيات التي تقع بين الطرفين.

ومن المواقف التي يمكن اتخاذها وفق قاعدة المرونة فقاعدة المرونة تقول: (الإنسان الأكثر مرونة هو الإنسان الأكثر تحكماً في مواقف الحياة) والمرونة هي قدرة للتنقل ما بين الصلابة والليونة وعدم البقاء في مساحة دون الأخرى وإنما هي التي تساعدنا على ترسيخ مبدأ التوازن الحقيقي ازاء المواقف التي نتعرض لها من قبل الآخرين في تعاملنا اليومي وفي كافة جوانب الحياة الخاصة والعامة ومن هذه المواقف والاستجابات:

- الصمت

- النقد

- الابتسامة

- البلاغة

- التورية

- الايحاء

- لغة الجسد

- الصوت

- التأجيل

- التشتيت

- الاحتواء

- التعاطف

- التغافل

- الرد الذكي

- السؤال

- الفطنة

- المداراة

وغيرها من الاستجابات التي تتناسب ومتطلبات الموقف الآني، فكلما كانت قائمة استجاباتك (ردة الفعل) غنية بالخيارات وفيها تعدد كلما كانت السيطرة على الموقف أكثر ضمانا ولكي تكون استجاباتك الذكية داخل تحكمك بشكل كبير وخاضعة لقوة إرادتك بشكل واعي وغير واع يتطلب الأمر عدة أمور منها:

1- التأني و الاسترخاء وعدم الاستعجال بالرد.

2- فن الاستماع والاسئلة الايضاحية.

3- التفكير باختيار استجابة مناسبة من القائمة المذكورة أو ما تراه مناسباً بعيداً عن الجدال والمراء عن النبي محمد صلى الله عليه وآله و سلم: "لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء والجدال وإن كان محقاً"

4- اللين والمداراة في الرد وإن كنت محقاً عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله): أعقل الناس أشدهم مداراة للناس.

5- ترسيخ مفهوم أن كلام الآخر فيك ظنٌ ومعرفتك بنفسك يقين فلا تستبدل يقينك بظنهم.

6- ترسيخ مفهوم أن آراء الناس فيك ليست حقيقتك وتبقى الآراء ليست حقائق.

7- الحرص على عدم الانسحاب إلى دائرة الآخر والتماسك بعدم الانصياع إلى استفزاز كلماته ومواقف فلربما هو يجد المتعة في استفزازك فيكون هو مستمتعا بالخلاف وأنت متألم.

8- يبقى الإحسان للآخر والدفع بالتي هي أحسن من أقوم الاستجابات على الاطلاق فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "ألا وإن اللسان الصالح يجعله الله للمرء خير له من المال يورثه من لا يحمده"

9- التفهم أن الكثير من الناس يغضب بوجهك وليس بالضرورة تكون أنت المقصود وإنما ربما أنت القشة وإن غضبه ممتد لأسباب ربما شخصية أو اجتماعية أو وظيفية وكانت نقطة الارتكاز عليك أنت.

10- لابد من تفهم أن الآخر مهما يكن شخصيته عدائية فان واجبنا يبقى هو اصلاحه والعمل على احتوائه لأن الناس مسؤوليتنا.

11- وأن هناك مواقف وأشخاصا لابد أن نتخذ معهم أسلوب صارم بالرد لإيقافه وتحديده لكن بفنون الرد يقول تعالى في ذلك: ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ الأسراء | ٤٣

وقال الرسول‏ صلى الله عليه و آله و سلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " فقدم الكلام على الصمت شريطة أن يكون الكلام خيراً مرتكز على القوة واللباقة .

12- وأخيراً لابد من تذكر أن اللسان هو الجسر الذي يصل بينك وبين الآخر فلابد من ترويضه بالكلام الحسن والقول اللين والبلاغة والجمال وإبعاده عن التسرع والفحش والسب واللعن عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "كم من دم سفكه فم" وعنه (عليه السلام): "إن أكثر خطايا ابن ادم في لسانه"