في جولة على مواقع التواصل الاجتماعي لفتني قطار القصص الذي نشرته احدى معارفي على الانستغرام يبدأ بمربع حوار للأسئلة، وكانت الأسئلة متنوعة بين الشخصي والثقافي وحتى الديني وكانت تُجيب بسلاسة تنقل خبراتها للآخرين، إلا أن كثيرا من تلك الاجابات تحمل مغالطات علمية ودينية أيضا، بعضها اشبه بسموم لا يمكن نقلها للآخرين كونها انطباعات فردية لا يمكن تعميمها وبعضها مجموعة من الآراء الدينية التي تخالف القرآن وأحاديث الرسول وآله الكرام.

في عالم التواصل اليوم نجد كثيرا من الأشخاص ينقلون تجاربهم من خلال منصاتهم والتي فيها الاف المتابعين المغرمين بأفكارهم وحياتهم ويعتبرونهم نماذج ناجحة، وبالتالي كل ما يقولونه يكاد أن يكون حجة على المتابع فيأخذون بنصائحهم ويطبقونها، وكل ما يترتب عليها من آثار مادية ومعنوية تقع على عاتق أولئك الأفراد يتحملون أوزارها، علينا أن نعي إن مربعات الحوار التي نستخدمها هي مسؤولية مجتمعية ليستْ فقط لقضاء وقت معين أو نوع من أنواع التسويق الالكتروني، فإن التبعات لهذه الحوارات عديدة وهي لا تعدو عن تجربة شخصية واحدة فقيرة جدا في عالم التجارب المختلفة، ولا يتوقف ذلك على مربع الحوار وإنما يتعداه لمنشورات وجلسات قد نعطي فيها أحكاما تؤثر على وقع حياة الآخرين، فما يُبنى بكلمة ممكن أن يُهدم بمثلها ف(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).

ومن ذلك فإن مفهوم (العفوية) و(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) و(اسأل مجرب ولا تسأل حكيم) ليستْ مترعة الأبواب صالحة لكل زمان ومكان وبيئة، بل نحن بحاجة مستمرة لتقنينها ومعرفة متى يمكن أن تُستخدم ومتى يجب أن نحذر من اعلانها، فهناك أدبيات واخلاقيات من الذوق العام في الحوار من الضروري مراعاتها في الحديث العام فضلا عن مواقع التواصل.