نوافذ البوح تتعدد بتعدد الألم واختلاف الشخصيات وتعاملها مع مواقفها الخاصة، ومن أشهر الطرق الفطرية للتعبير عن الوجع هو السماح للدمع أن يأخذ مجراه على الخد ليخفف من وطأة الضغط العاطفي على الانسان، ويستطيع بذلك أن يحقق بعض الاستقرار العاطفي ويقي نفسه مجموعة من الامراض التي تنتج عن عدم التعبير عن الحزن بصورة صحية، فينقلب ذلك الدمع على الجسد ليصبَّ حرارته عليه فتنتج عدة أمراض منها وبحسب رأي الأطباء (قرحة المعدة، القالون العصبي، الجلطة، والسكتة الدماغية فضلا عن بعض أمراض الطفح الجلدي والأمراض العصبية وغيرها) تلك الأمراض التي تنهك الفرد وترميه في عالم الأدوية والمهدئات لا تحتاج أحيانا إلا لترك المكابرة عن الهم وتراكمه من غير تفريغ يُذكر ولو بوسائل أخرى فبعضهم يهرب للنوم وآخر للقلم وغيرهم يمتلك من يفضفض له والأخيرة قليلة الحدوث والفائدة لأن فيها تبعات أخرى، فقد يكون اختيارك ليس مناسبا وهذه تقعدكَ في بعض الأحيان ملوما محسورا.

فأحيانًا لحظة انهيار تكفي لأن تفهمكَ بأنك كنتَ مخطئا في كتمانكَ فقد يتجمع لينقض عليك دفعة واحدة لينذرفَ في غير أوانه ليكون ضعفًا مفاجئًا يستغربه من يعرفك وتَمجّه نفسك لتعيش صراعًا بين ما مكتوم وما معروف عنك، تلك اللحظات هي الأصعب فبينما تريد أن ترفع لوحة تكتب عليها (أنا أيضًا انسان) تحذركَ صورتك المثال من الاعتراف بها كيف وأنت بهذا الصرح أن تخبرهم بذلك، فتكون وجهتكَ طريقين الأول القساوة والتجلد وتحمل هذا الرداء ورمي نفسك إلى أمراض الجسد أو توضح ضعفك وتُقر بأنك كتلة من المشاعر الفطرية التي تتقافز أمامك لتحاكي حزنك وفرحك وانفعالاتك.

فلا تستسهلن الدمع حتى تنعتَ به ولا تركب صعبه ليرميك في متاهاته ببساطة خذ فرصتك من الدمع.