القصص التي يرويها ذوي الاحتياجات الخاصة كثيرة ومؤلمة لحد الحزن الكثيف خصوصا الذين يعانون من التذمروالشكوى والانكار داخل اسرهم والنظرة القاصرة ووصفهم بنعوت معيبة بحقهم من المجتمع، فمنهم من انتابه الاحباط من وجوده او تتدهورحالته النفسية في عتمة الاهمال المقصود احيانا، آخرون انتصروا على عوقهم بارادتهم الصلبة ولم يقف العوق البدني عائقا امام اصرارهم في اختيار الاعمال المناسبة التي تناسب قدراتهم، كما اشارت  الاديبة والرسامة ايسر البياتي انه ليس من الضروري ان تكون العائلة  الداعم الرئيس للمعاق لاثبات ذاته وشخصية وصنع مستقبله وانما الاصرار من ذاته الذي يجعله يصنع الابداع والاعتماد على النفس الا ان يبقى التشجيع عاملا مهما  لتحقيق  امنياته ، لافتة  الى تجربتها مع عائلتها وتؤكد بان الشخص المعاق قد يعيش الغربة والوحدة مع نفسه حينما يهمل من عائلته ولانها تحب الرسم والابداع فقد وجدت ذاتها في تتحدى العوق وتصبح رسامة وتعبر عن معاناتها من خلال قصائد شعرية.

آثار ومعاناة

وقالت د. نهى عبدالله الباحثة والمتخصصة  في العلوم النفسية  ان هناك اثار عدة تترتب عن وجود شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الاسرة، منها ماهو نفسي كالشعور بالحزن والاحباط الذي يصيب الوالدين، فضلا عن  الى الانكار وعدم االقبول، ومنها ماهو اجتماعي اذ يجد الوالدان صعوبة في ابلاغ العائلة الكبيرة او المجتمع بوجود معاق لديهم، كما قد يصيبهم الاحراج عند اصحابهم في المناسبات التي تتطلب حضورهم ومشاركتهم فيها، وهناك اثر اقتصادي ايضا، اذ أن الشخص بحاجة الى رعاية خاصة ومستلزمات وعلاجات تختلف عن بقية افراد الاسرة، كما قد يستوجب تسجيله في معهد او مركز رعاية خاص بمثل حالته، وعليه تزداد صرفيات الاسرة المادية نتيجة وجود طفل غير سوي لديها، كما يؤثر وجوده على بقية الاخوة، اذ قد يسخط احدهم عليه نتيجة قلة الفهم والوعي وقد يشعر الاخر بالخجل من وجود اخ كهذا لديه، وقد يشعر احدهم بالغيرة منه نتيجة اهتمام الوالدين الزائد به وايلاءه عناية و رعاية خاصة قد لا يحظى غيره بها، وقد يتذمر احد الابناء ويسقط غضبه على المعاق عند طلب الوالدين اصطحابه للحمام او البقاء معه في حالة غياب الوالدين او انشغالهم بعمل ما.

اهتمام وعطف

طالبة الدكتوراه هبة مجيد سبوت أوضحت "تتراوح نظرة الأسرة و المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة ما بين العطف والشكوى و التذمر, و قد يعود ذلك إلى اختلاف المستوى المعرفي للأسرة فالأسر التي تتميز بمستوى ثقافي عال غالباَ ما تنظراليهم بنظرة عطف واهتمام و رعايتهم وادخالهم مدارس متخصصة بهم ومتابعتهم.

في حين أن الأسر ذات المستوى العلمي البسيط أو الأمي تنظر بنظرة تذمر، و إضافة إلى ذلك لا يقدمون على أي اهتمام لأبنائهم من ذوي الاحتياجات؛ لا بل أن بعض الأسر تخجل  من ابنائها من ذوي الاحتياجات و تنظر اليهم كما لو انهم عبء ثقيل, إضافة إلى ذلك ما تعاني منهُ الأسر منذ ولادة طفلهم من ذوي الاحتياجات من نظرة المجتمع اليهِ, التي تتميز بكونها نظرة عطف أو اساءة و تذمر, حيث يعاني الأشخاص من ذوي الاحتياجات في المجتمع من الاستبعاد والتهميش في الكثير من الجوانب, للحد الذي ترفض فيهِ  بعض الأسر تقبل زواج ابنهم او ابنتهم من شخص معاق, ونظرة الأسرة و المجتمع التي تتسم بالتذمر والاستبعاد تركت الكثير من الأثار على أصحاب ذوي الاحتياجات منها الأثار النفسية ( كالعزلة، و الاضطرابات النفسية، و الهستيريا ...)، و الأثار الاجتماعية (كالاستبعاد الاجتماعي، والوصم الاجتماعي ...), و اخيراً فان العمل على تعزيز النظرة نحو ذوي الاحتياجات تتطلب العمل في الجانب الأسري و المجتمعي.

قاسم موزان