التواصل.. كعقل بديل
ومن عواقب هذه الحضارة الوخيمة وشدائدها الأكثر فتكا بالإتصال الذي هو باب تشكل الجماعة، وهو أيضا القناة الأفضل للتواصل في معانيه العميقة، أو التواصل كـ《عقل》يحقق المشاركة، ويؤسس للتذاوت، ويحاول إستيعاب مناحي التفكير في تباعدها، وتعاندها، وتشاكسها، أو في تشعب مجاريها، في منهج ينبني على أدوات أكثر جدوى، وأكثر فاعلية، وفي نفس الوقت لا يتجاهل مصادر هذه الاختلافات والتشعبات، أو لا يقفز عليها ليذهب مباشرة وفورا، إلى ما اعتقده صوابيا ووجيها، أو منطقيا وجامعا، فيلجأ إلى فرضه، ويكون بحسبه هو السقف للعقلانية المجتباة، أو الحقيقة المحتباة، أين يكون التواصل، قد فقد شكله ومحتواه، أو صورته ومعناه، لأنه في مقصده ومرماه، أو في هدفه ومآله، اشتغال على أنماط التفكير، وأشكال الوعي، في منابتها الذاتية، أو أطرها الثقافية، وسياقاتها المخصوصة، حيث قد يكون مصدر التفكير فردا، أو طبقة، أو ثقافة، أو إيديولوجية، أو أمة، أو معطا غير كاف، ضيق، أو لا يسمح بتوسيعه، وحتى يثبت أهميته، وييسر قطف ثماره، يلزم أو يحصل أن يشمل كل الفضاءات، وأن يعمر الفضاء العمومي، وهو بالمناسبة، لا يلغي التنوع، ولا يذهب إلى محو الهويات واللغات، ولا يقفز على التاريخ والذاكرات، وإنما يؤسس لإمكانية فهم المبتكر، وتلاقي معتبر، فهو ما يقود إلى الاتصال، أو يفتح قنواته بعضها على بعض، بما يحفظ للحوار والتداول قدسيته، ويدعم سلطانه ونفوذه على المجموعات البشرية، أفرادا وجماعات، مدارسا فكرية وتيارات، ويربو به عن أن ينزلق إلى صدامات، ويتورط في حروب اعتداءات، وكما يقال : 《 الحاجة تفتك الحيلة》 أو 《الأزمة تولد الهمة》، وعليه فإن هذه الصيغة الفكرية المقبولة، ربما ظرفيا، حتى يحصل ما يتجاوزها، ألجأ إليها تحدي أزمة تهدد الإنسان، كإنسان بدون نسب وإضافات، ورهان يجنب الإنسانية خطرا داهما يأتي على مكاسبها ومنجزاتها، أو يهدم مدنيتها وينسف حضارتها، ولكن الاتصال كوسيلة《للعقل التواصلي》، كإفضاء وولوج 《للعقل التواصلي》، الأكثر وضاءة، والأوفق مقاربة، والأقرب تسديدا، لإنقاذ هذه الوسيلة _ الاتصال، التي اختطفتها الوسائط الجديدة الرأسمالية، واحتكرتها، فأحدثت فيها فجوة مخيفة، وجفاء شبحيا، هو إلى الكابوس أقرب، حال بين الأفراد والجماعات، والاحتكاك والتداخل والتخلل.
السيد محمد الفاضل حمادوش
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري