أرادت معلمة أن تعطي درسا لتلميذتها كثيرة الشكوى والتذمر، فأخذت المعلمة بعض الملح وأذابته في كأس ثم طلبت من التلميذة أن تتذوقه.
ثم سألتها : ما طعمه؟
أجابت: مالح جدا
أخذت نفس المقدار من الملح وألقته في أناء واسع جدا ثم طلبت من التلميذة أن تتذوق الماء
ثم سألتها: ما طعمه هل تشعرين بملوحة الماء؟
أجابت: لا, إنه ليس مالحا!
فقالت لها المعلمة: يا بنيتي الألم في الحياة كالملح ومذاقه يتوقف على حجم الإناء، لا تحجّمي نفسك لتصبحي بحجم الكأس بل كوني كبيرة بحجم البحيرة أو أكبر... حتى يبقى طعم الحياة حلوا رغم شدة الألم.
هل الأمر بهذه البساطة أن نغدو بحجم البحيرة لنتجاوز الألم بسهولة؟
وهل نستطيع أن نتعلم الحكمة ونظفر بالصبر ونتمسك بالتفاؤل بسرعة؟
لمجرد سماع نصيحة أو قراءة كتاب أو حضور ورشة عمل تنموية أو تغريدة أو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي تحدثنا للتغلب على المشاكل؟
لعل الجواب (لا) يفوق مقدار (نعم) لأنه لا يكون تغيير ما لم يتقدمه قرار نابع من الداخل يقول لنا: آن الأوان للتغير وتجاوز الألم....
وحتى لو سمعنا هذا الصوت فمنّا من لا يعرف كيف يبدأ بالتغيير أو متى يبدأ أو كيف يتمسك بهذا القرار حين يخذله الصبر ويتلقفه الجزع......
لأن التغيير يحتاج إلى طاقة كبيرة وإيمان عميق وقرار ناضج نتخذه حتى لا نقزم أنفسنا وتغلبنا أملاح الحياة فتذيبنا تدريجيا فلا نقوى على المقاومة وبناء أنفسنا.
نقلت لي صديقتي طريقة كانت إحدى صديقاتها تتبعها للتخلص من الألم وهي رسم وجه الشخص الذي يزعجها على إبهام يدها فتتحدث معه بصراحة وبكل ارتياح وكأنه الشخص المعني ويتحرك الوجه بالإيجاب وكأنه يستمع لها ويوافقها الرأي بكل ما تقوله حتى تنفض جميع الكلمات المحشورة في بلعومها وتتخلص من هم يعتلي فؤادها وتؤكد إن هذه الطريقة تجعلها مستعدة لمواجهة ذلك الشخص بثقة.
و انا لي طريقة مختلفة حين يمر بي موقف وأتضايق منه لصعوبة تفسيره وعدم تأكدي إن كنت على حق أم مخطئة - فرغم ضوء الشمس الساطع في قبة السماء هناك غيوم متناثرة تخفيه - فاستعين بالكتابة فتمتلئ الصفحات حتى تتوضح لي الرؤية وامسك خيط الموضوع وهي طريقة علمية ناجحة بشرط أن يلقي ماسك القلم فكرته بصراحة على الورق ليصل إلى النقطة الضائعة في أعماقه.
فان أردنا أن تتوسع روحنا لاستيعاب هذا الكم الهائل من الأملاح التي توردها لنا الحياة تدريجيا أو فجأة هناك طرق كثير نستعين بها ولكن قبل كل هذا علينا أن نتخذ قرار التغيير والتغلب على الألم والمصاعب حتى لا نتقهقر ونبقى ندور بحلقة مفرغة ونسمع الكلام الجيد ونطرب له ولا نعرف كيف نستخدمه لصالحنا كشجرة مثمرة تغرينا ثمارها ولا نعرف كيف نقطفها.
إخلاص داود
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري