كنت أصلي حينما سمعت طرقاً خفيفا على نافذة غرفتي . تساءلت في داخلي عن هذا الصوت الذي بدا لي غير مألوف وبعد ان أزلت الستارة رأيت طائر يبتعد بخوف بعيداً عن عشه الذي بناه بجوار نافذتي فأرجعت الستارة وابتعدت قليلا وبدأت أراقب عودته ، عاد سريعاً وهو يحمل بمنقاره شيء من الطين وأعواد صغيرة وبدأ يرص تلك اﻻعواد بحذر يبدو أنه قد عقد العزم ان يبني عشه في هذا المكان دون سواه .
ومع أني كنت سعيدة ؛ وأنا استرق النظر لذلك الطائر الجميل لكني شعرت بمسؤولية تجاهه وبأني لن أتمكن مجدداً من فتح نافذتي والتمتع بأشعة الشمس ، وذلك ﻻني كلما سأفتح النافذة سيشعر الطائر بالخوف وسيبتعد ، وربما سيبحث عن عش جديد في مكان أكثر أماناً ، وأنا اتفائل بوجوده ...
أذن علي أن أتنازل اما عن وجوده او عن فتح النافذة وتهوية غرفتي ، مع ان القرار سيكون في صالح العش والطائر بجميع الأحوال وهذا ما حصل .
تركت الطائر يبني عشه بهدوء ، وقررت ان اجعل من نافذتي منزله اﻻمن ، وصرت أراقبه كل يوم .
وفي أحد الأيام ، وبعد ان تعودت على طرقاته الخفيفة وكأنه يناديني ليسلم علي ، تفاجئت برؤية فراخه الصغيرة جداً تملئ العش .
ابتسمت حينها ، فذلك الطائر الذي بدا لي وحيداً يبدو أن لديه عائلة .
شعرت بالرضا عن نفسي ، لأني تركته يبني عشه ، ليحتضن صغاره ، وتبادر لذهني سريعاً " كيف يمكن للإنسان أن يتقن اختياراته في الحياة التي ترتبط بحياة وسعادة الآخرين ؟ وان يتوخى الحذر في قراراته التي ربما تتعس من حوله وبأنه لم يخلق لنفسه وإنما خلق ليعيش حياة متكاملة حتى يحقق غايته الوجودية ، وينجح في ارتباطه الإنساني بمن هم حوله ، فذلك الطائر كان وحيداً ومصيره مرتبط بقراري وهو اﻻن ينعم بالأمان مع صغاره في جوار نافذتي التي تشعرني بأنها نافذة تطل على الحياة .
وهذه هي بمثابة نزهتي في ربوع اﻷمل .
ايمان كاظم الحجيمي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري