بدأت اؤمن بأن المجتمع العراقي بالذات أيا كانت ظروفه يملك المقومات التي تجعله قادر على تبني ثقافة دعم اليتيم وان له قدرات مميزة لا تتوفر في اي شعب أخر . هذا الشعب الذي جهد الفاسدون في تشويه صورته ومسخ اصالته !!! يدفعني الى هذه القناعة عدة امور ، اذكر منها ثلاثة شواهد من العقد الاخير لتكون بين يدي الجميع . اولا : منذ سقوط الحكم الصدامي القمعي ، والعراق يحتضن سنويا ملايين الزائرين في اربعينية الإمام الحسين عليه السلام ، رغم كل الظروف ، وهو مشهد انعدم نظيره في العالم من حيث العدد والادارة الذاتية وتقديم كل انواع الخدمات المجانية والرعاية ، حيث وصل العدد في السنوات الاخيرة الى عشرين مليون خلال شهر الزيارة وعشرات الألاف من المشتركين للخدمة الطوعية مما يوضح توفر القدرة المالية والخدمية بما يزيد الضعف على عدد الايتام في العراق . ثانيا : نزوح محافظات ومدن من شمال العراق وغربه الى الوسط والجنوب رغم سنوات الفتن الطائفية والتصعيد المغرض والتي اكلت وشربت من دم ابناء العراق ، تم استقبال تلك الالاف النازحة بل مئات الالاف رغم اختلافها قوميا ومذهبيا ودينيا وهي تَقِدم خالية الوفاض وتسكينهم وحمايتهم في البيوت والحسينيات والمخيمات ، وكانت ومازالت حركت الاستقبال تلك بجهود مدنية غير حكومية هي الداعم الاكبر والرئيس لتثبت لنا اصالة القيم الخيرة والمبادئ السامية في هذا الشعب الذي ليس فقط تحمل جراحه وصمد وانما عض على جرحه ليوقف النزف ويردم الصدع بإنسانية وكرم منقطع النظير. ثالثا : معركة المصير ضد الدواعش التي مر عليها اكثر من سنة ونصف وتلك الجموع المليونية التي هبت لحفظ حرماتها ومقدساتها من العسكري والمدني ، من الغني والفقير، من سواعد تحمل السلاح واخرى تدعم وتصنع وتنقل وتلبي الحاجات وتديم زخم المعركة شعبيا يرفدهم الشيخ والرجل والمرأة بل وحتى الاطفال والشباب . انا عن نفسي لم اسمع بشعب قام بكل ذلك غير العراقيين . كما إن لتلك الوقفات المشرفة ؛ دوافع ايمانية صادقة استطاعت ان تفجر كل الطاقات وتحركها وفق اليات صحيحة حققت منها المعاجز ، سيرا على هدى توجيهات المرجعية المسددة بفضل الله . ونحن نأمل ان يتكرر الامر مع شريحة الايتام وكيفية دعمهم ، بعد ان نبيت الشعور بالمسؤولية وادراك حجم المشكلة من الجزء الاول ثم بيان القابلية ولتوفر المقومات في الجزء الثاني نذكر بعض تطبيقاتها العملية في الجزء الثالث لتكون تحت متناول يد الجميع وليلتحق من شاء في ركب العروج الى الله ومن موقعه في مشروع تحويل دعم اليتيم الى ثقافة مجتمع سليم .

لبنى مجيد حسين