((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا )) ( النساء ـ 27 )

بحثنا القرآني في الآية أعلاه ، يتكلم عن مراد الله ، ومراد غيره ...

 

ماذا يريد الله ؟

أن يتوب عليكم ( الآية أعلاه ) لأنه (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) (البقرة ـ 185) مع انه يفعل بنا ما يريد هو (( ولكن الله يفعل ما يريد )) ( البقرة ـ 253) ولا يريد ظلما عندما يفعل ذلك (( وما الله يريد ظلما للعالمين )) (آل عمران ـ 108) .

إذا لماذا يعطي الله الكافرين ؟

لأنه (( يريد الله الا يجعل لهم حظاً في الآخرة )) ( آل عمران ـ 176) وبذلك فأن منعنا عن خير ، فهو منه لما فرّطنا من حكم او اختبار لواقعنا .

 

ما هي سنن الله جل وعلا وما هي أحكامه ؟

(( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم )) ( النساء ـ 26 ) ، واللطيف ان هذه الآية تقع بعد الآية مورد البحث ، وكأنها تقول لنا ، من لم يلتزم بالحكم جرت عليه السنن .

إذن عندما يريد جل وعلا أن يمنعنا من الشهوات التي يريد الظالمين أن يوقعونا فيها ، إنما يريد بذلك ان يعّرفنا أن السنن تجري عند اتباع الشهوات ومن السنن العقاب المترتب ومن السنن الآثار السيئة التي يمكن ان تتركها هذه الشهوات ، ومثال ذلك ، الشهوات من النساء توقع المجتمع في الفساد ، بلحاظ ما إذا تبرجت المرأة فأنها ستوقع الشباب ممن لا يريد التزوج باعتبارها ترضيهم من غير مقابل ، وعند ذاك ستحل الشهوات ، حيث أن الشاب سيميل نحوها ، وكي يرضيها سيترك العمل لاهثا خلفها ، في حين أنها ستطلب منه المال جزاء ما تمنحه له فيضطر أن يسرق أرضاء لطمعها ، وبذلك فأن الذنوب ستنتشر ، وهو ما يمنع الخير، ومن الخير وجود إمام هاد مهدي يملأ الأرض قسطا ، بعدما ملئت ظلما .

يشكو البعض منا ويقول : " اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة ولينا وكثرة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا " !

وهنا لابد من سؤال مهم وجدلي : لماذا غاب الإمام الهادي المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ؟ وهل هذه إحدى السنن ؟

والجواب هو أن عدم اعتناء الناس بوليهم المبعوث اليهم وتضييقهم عليه الخناق ، وهو مدعاة لغيبته عنهم .

وعن رسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم ، (( إن لصاحب الأمر غيبة لابد منها يرتاب فيها كل مبطل )) .

لذا ، فالغياب سنّة ، كما جرت مع موسى عليه السلام  (( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ....... )) و (( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي )) ، فضلا عن غياب نبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت ، وأخيرا غياب النبي يوسف عليه السلام ثم عودته وهكذا .

وإزاء إرادة الله الذي يريدها في صالحنا دائما ، نتساءل ... هل الغيبة في صالحنا أم عقاب لنا ؟

ولماذا لم نعرف قدر الأئمة الذين قتلوا وسفكت دمائهم ؟ وهو ما غيب أخرهم فرّج الله تعالى عليه وقر به عيون محبيه ! .

والجواب ، إن إرادة الله بغيبة صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه ، لأسباب كثيرة ، منها كي لا تخلوا الأرض من حجة ، هذا من جهة ، وتمحيصا للمؤمنين من جهة اخرى ، ناهيك عما يريده جل وعلا من ان يمن على الذين استضعفوا في الأرض ويجعلهم أئمة ويجعلهم من ورثة المعمورة (( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين )) ، وكي لا تكون في عنق صاحبها بيعة لطاغية ،

ايتها الريحانة ... رسالتي أليك ...

اعلمي ان للوراثة شروط ولوازم ، وعليه ، اتخذي من عباءتك سلما للارتقاء ، لأن لك رب يحبك ، وما تتويجك بالحجاب الا نتاج محبته ، لأنه اراد منك ان تكوني جوهرة مصونة بجلباب ، لذا اراد ان يخفيك عن نظرات الذئاب ، وبذلك تكوني من الوارثين في الارض ، واعلمي ان لك امام غائب حاضر ، ينظر اليك ، ويلفك بعطفه ، فاسألي نفسك قبل خروجك من البيت : هل سيرضى عن إمامك الغائب بهذا الشكل ويختارك نصيره له ؟

والخلاصة ، هي أن لله إرادة ولأتباع الشهوات إرادة ، فإذا اتبعنا إرادة الله سنكون ممن يرث الأرض ، في حين ثمة احكام وسنن ستنطبق علينا في حال إتباع اهل الشهوات ، منها سنة غياب الهداة ، مع ان الغياب فيما خلا ، له أهداف وغايات يعلمها الله ، وبالتالي ، فأن المقطوع في الآخر سيكون لله إرادته بنصر من اتبع احكامه .

د . مواهب  الخطيب