نوارس العشق الحسيني بدأت مسيرتها الى كربلاء .
وهجرة العشاق عادت مرة أخرى لترسم خريطة الحزن، بلون أسود كرماد خيم محترقة وبقايا فاجعةً ، حفظتها لنا أنامل الزمن من النسيان .
الفاجعة التي يتأجج رمادها لهباً حارقاً في شهري محرم وصفر من كل عام ، طلباً لثأرها ـ ثأر الله ـ الثأر الذي صير الموالون أنفسهم دروع لحمايته ونصرة السلالة المحمدية، فغدوا نوارس مهاجرة، تحمل أجنحتها رايات الولاء وتنشد لحن المصيبة بكل لغة، لمواساة قلوبهم التي تروم الى ما وراء الخطى وتذرع الطريق خطوة خطوة ، تعد ذرات رمله وحصاه ، توقاً لرؤية أطياف راية ترفرف عالياً قريبة من رحمة السماء، مرفوعة على قبة اشعاع ، نورها اباء وعظمة، مستمداً من كرامة صاحب المرقد المقدس .
وخلال المسير بين طول الطريق ومشقته، وقبل أن تقر العيون بما تهوى، نرى مواكب العاشقين التي نذرت نفسها لخدمة الحسين (عليه السلام) بإكرام زائريه وتقديم الممكن والمستحيل، فمنهم من يحمل حقائب الزائرين ومنهم من يقدم الطعام ، وبين هذا وذاك من يدلك قدمي زائر ويبلسم وجعه ويدخله ليستريح تخفيفا عن ما تكبد من طول المسير، وآخر يغسل أوعيتهم وثالث ينشدهم العزاء ورابع يرتلهم القرآن .
الكل يعمل بابتسامة راضية وقلب محب ولسان لهج بـ " أحنه خدام زوار أبو علي " وكأنما على رؤوسهم تيجان الملك ، يجندون انفسهم وعوائلهم وأموالهم ، هِبةً للخدمة الحسينية، في مواكب منتشرة على طول طريق المسير.
خيم سوداء كبيرة ، أعمدة وقدور وأفرشة وأدوية ومصابيح وخدمات أخرى ، تمنح المسافر كل ما يحتاجه من زاد السفر الى هيكل القداسة في رحلة الولاء ، تلك الرحلة التي يمضي فيها الرفيقان الزائر السائر والزائر الخادم ـ من يمضي سيراً على قدميه ومن يمضي خادماً له ـ ولا شتان بينهما، فكلٌ يحمل قلباً ملؤه الحسين وجبيناً شامخاً كجبينه .
نغم المسلماني
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري