يا سليلة الصبر الجميل ... ليس هناك ما يخيفك في الافق ، فأرثك اكبر من كل ذاك .

كثير من الناس لم يعرف كيف مرت سنوات الثمانينات من القرن الماضي في ظل اضطهاد النظام المقبور لآلاف العوائل العراقية لأسباب دينية وسياسية ، وبطرق وضيعة اخترق فيها كل صفات الانسانية !!!

الا أن المجال الاعلامي لم يتسع لها ولم يوظفها حق توظيفها ، بل لم يستذكرها كما ينبغي ، لتأخذ ادنى مساحة من الإنصاف لتلك النفوس الطاهرة او بقايا عوائلهم او من تبقى منها بعد سجن واعدام وتسفير  .

وما ان باغتنا عقد التسعينات خصوصا أبان الانتفاضة الشعبانية وما تبعها من ملاحقات ومقابر جماعية وحصار ، لتكبر خلالها المظلمة وتتوسع رقعتها وتظهر للعيان الذين هم اكبر مساحة من الشعب المقهور وان غيبت اعلاميا عن الداخل والخارج .

ثم مرورا ببداية القرن الجديد وسقوط نظام البعث المجرم وتدخل امريكي علني وما خطط له الاثنان من محاوﻻت خطرة لمصادرة العراق سياسيا وثقافيا واعلاميا ، وما نتج عنها من تجاذبات ومؤامرات داخلية وخارجية لضرب بنية الدولة وتدمير العراق بالكامل ، بدا من التفجيرات اليومية التي تحصد ارواح المئات ، الى الطائفية ، الى تسلق الفاسدين للقضاء على ما تبقى .

ﻻ ابالغ ان قلت بإمكانكِ ان تجالسي امرأة من مواليد السبعينات ، لتذكر لك ما عانته هي او عائلتها ابان البعث المجرم  ثم الحصار ثم تسلط المفسدين على الاموال والرقاب ، ولقصت لك من صور الصبر والوفاء والايثار من اجل اطفالها او عائلتها ما دمعت له عيناك الجميلتين .

ما اريد ان اصل له من هذه المقدمة انه لديك ارث كبير من التجارب الحاضرة ، ﻻ تحتاجين معها للبحث في بطون الكتب ، عن ما يبني نفسك ، ويشد عزيمتك ، ويقنعك بقدرتك على النجاح والصمود .

  دماء علماء وابرياء لم تجف بعد ، معاقين وجرحى يدفعون ثمن تكالب الفاسدين على السلطة ، شهداء وجرحى يسيرون بارإدتهم على طريق البطولة والمجد .

أمام ارث كبير من الوجع تقف الشخصية العراقية وخصوصا المرأة ، صابرة صامدة ، تسعى للحياة ، وتبذل المزيد دون خنوع واستسلام .

حتى وهي ارملة وثكلى ويتيمة ومنتظرة لعودة غائب لم يعرف مصيره ، فهي مازالت بخير  ...

بخير بمعنى فطرتها لم تتغير ، حرة تأبى الذل ، كريمة رغم الحاجة ، عزيزة رغم فقد المعيل ، قوية رغم رقة الانوثة ، غيورة على العرض والنفس ، فسواء كان ذلك نتيجة منح ربانية جزاء الصبر أم تأسيا بسيرة وتاريخ المعصومين المترسخة في هذه الارض أم ثمرة جهد من التعب وحفظ الذات ام بركة الصالحين ممن يعمل لإسنادهن فأنهن مثالك الصالح وبشراك التي تغذيك بالأمل مهما حيك حولك من شباك الضلال .

انت صاحبة هذا الارث بعد ايمانك بالله ، فإبداي مشوار حياتك بعزيمة الصالحين ، تعلمي واقرائي في التاريخ ، وتعرفي على منهج الاسلام من خلال متابعتك للمرجعية وخطبها ، واسألي عن كل ما تتعرضين له من مسائل شرعية ، ليكون ظاهرك كباطنك فالإسلام دين حياة وفطرة .

ساعدي النساء اللواتي تقصر ايديهن عن بلوغ ذلك ، اعدي نفسك لتحمل كل الظروف بقلب شجاع صابر صامد ﻻ يفارق رضا الله وﻻ يخذل الحق وﻻ تكسره النائبات ، وﻻ تخافي ان تكوني يوما ما قطبا في بيتك او عملك او اسرتك ففي ساعة العسرة وحده قلب المرأة هو من سيرمم الكسر ، ويشد الازر ، ويدفع للمكرمات  .

لبنى مجيد حسين