لطالما كان منظور العرب إلى الدول الغربية بأنها إحدى بوابات الجنّة قد فُتحت لهم ، ليهربوا إليها بعد أن ذاقوا ذرعاً بجحيم بلادهم .  

فيلتجؤون إليها وهم يحملون في حقائبهم ذكرياتهم و طموحاتهم و آلامهم و آمالهم ..

يأملون في مستقبل أفضل لأولادهم و فرص عمل ذهبية لأنفسهم ولا يعلمون ما تخبئه لهم هذه الدول بين طيات حقوق الإنسان التي يتشدقون بها.

في الواقع الدول الغربية كالبحر.. ليس كلُّ من ركب أمواجه نجا، وليس كلُّ من غاص في أعماقه تمكّن من استخراج درره النفيسة.

الكثيرون هلكوا و ابتلعهم المجتمع الغربي بأمواجه التحررية و شعاراته البرّاقة.

فترى أغلب القاطنين هناك قد تاهوا في دوامة العولمة و الترف و البطر حتى انسلخوا قاصدين أو ساهين عن دينهم ، و نغمسوا في المستنقع الغربي لدرجة تباهيهم بالانتماء إليه و دفاعهم المستميت عن أخطاء هذا المجتمع كي يبرروا تصرفاتهم المستهجنة.

في المجتمع الغربي يظهر الإنسان على حقيقته و تسقط  تلك الأقنعة التي اعتاد على إرتدائها مراراً و تكراراً في بلادنا العربية .

و سبب هذا الانسلاخ الخُلقي و الديني يعود لنقطتين مهمتين :

  • الدول الغربية ليس لديها مفهوم ”العيب ” الذي نشأنا عليه و الذي كان الرادع الأكبر بعد الدين كي نسلك الطريق السليم. فهناك كل شيء مباح ، افعل ما تشاء و كيفما تشاء و أين تشاء دون أن يلتفت إليك أحد أو ينظر لك بنظرة دونيّة . المهم انّك تمارس حريتك الشخصية و لا تعتدي على أحد او تخالف قوانين البلد.
  • في بلادنا لا يستطيع الانسان أن يجاهر بالفحش و الرذيلة و الانحطاط الأخلاقي إلا ما ندر ، و ذلك يعود لأن المجتمع يستهجن مثل هذه التصرفات و ينبذها. فيُجبر الفرد أن يبقى ضمن إطار معين من الأخلاق و الضوابط فرضها عليه المجتمع و العُرف..

الغرب هو بوابة الجنّة المزيفة التي تقودك إلى الجحيم فتغريك بزخرفها و زبرجها حتى تقع في شباكها.

(المؤمن كيّسٌ فطن) قول رسول الله صلى الله عليه و على آله.

    فعلى الأنسان أن يعرف كيف يستخرج الدرر النفيسة من أعماق هذا البحر الهائج دون أن يغرق ولا يستطيع أحد أنقاذه.

عليه أن يكون يقظاً و نبهاً يستثمر هذا التطور العلمي الذي تتمع به الدول الغربية ليطور من طاقاته و قدراته و يساهم في نشر الاسلام هناك و تعريف الغربيين بأسلام محمد و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) الحقيقي ، بعد أن تشوهت صورة الاسلام و أصبح يرتبط اسمه بالتخريب و الارهاب.

لا أن ينجرف مع أمواجهم التحررية التي تدعوا إلى كل رذيلة و انحلال بدعوى الحرية الشخصية و التطور و الانفتاح.

فأنت من تقرر إمّا أن تغرق مع الغارقين أو أن تكون من الثُلَّة الناجين.

بشرى الحسيني