كثيرا ما سمعنا مقولة : "‏التاريخ يعيد نفسه"..

ولماذا لا يعيد نفسه ونحن أنفسنا نكرر ذات الخيارات ونعيد نفس السلوكيات في مختلف المواقف !

نكرر نفس الخيارات ، ربما ، لأن الوضع الحالي يجعلنا مرتاحين ، وإن كان على حساب حريتنا أو طموحاتنا ، على حساب كرامتنا ، دون أن نتعب عقولنا بالتغيير ..

أو يكون خوفنا من المجهول هو السبب إن لم نخطو على خطى السابقين .

أو تكون فكرة المؤامرة التي تسيطر على عقول العرب هي المذنبة ! فربما يكون التغيير خطة لغزو حضارتنا .

أو جميعها مجتمعة وأكثر ...

قد يعتقد البعض أنّ وضعه الحالي صحيح وإن تغير ربما سيكون خطأً .

لم كل هذه الحيرة ؟ ضع الأفكار والأفعال التي تنوي تغييرها على الميزان و إنتظر استواء الكفة، وانتهى الموضوع !!! ببساطة ..

لحظة .. الميزان أيضا به إشكال ... فأي ميزان تقصد ؟ ميزان الشرع أم تقاليد المجتمع أم النفس وما تريد أو ميزان المبادئ والقيم الإنسانية ؟

وبعد أن تبين أن الموضوع معقد صار الكل يكتب عن التغيير والكل يعمل من أجل التغيير وأُسّست قواعد للتغيير ..

ولربما ليست النكتة في محاولة التغيير فبما أن الإنسان ملول بطبعه فسيتغير رغما عنه ،  فـــ "‏التغيير عنيد كالزمن، ومع هذا فلا شيء يقابل بالمقاومة أكثر منه" لـــ ( بنيامين دزرائيلي) وأفضل شاهد على هذا هو 'الإعلانات'... حيث تتجدد الإعلانات التلفزيونية مثلا من قبل الشركة مع أن المنتج لا يلاحظ عليه فرق فعلي فالتغيير الذي حصل هو في الإعلان و العبوة ،، بعض من مكونات المنتج قد يطاله التغيير ' أحيانا' لأن الجسد البيولوجي يحتاج التغيير أيضا - كما يوهمه العقل الباطن - فمجرد تغيير ولو شيء بسيط سيشعِرهُ فعلاً أنه فعّال وقد تحسّن المنتج نوعا ما وهذا كافٍ لإيهام العقل لفترة من الزمن حتى يجدوا تغييرا آخر ...

ولربما لا تكمن النكتة في محاولة التغيير بل العكس! أي أنّ ما علينا فعله هو تغيير التغيير .

بالمناسبة ..

تغيير التغيير  --------------->> ثبات .

وقد أشار لهذا الأمر المعلم الروحاني إيكهارت تول حين قال " يكمن جوهر الوجود في الحياة التي تستمر وفق طبيعة واحدة ، تجسدها مليارات الأشكال، التي قد تظهر وتختفي، تولد وتموت" . ( من كتاب قوة الآن)

كل إنسان قد وصل في وقت ما لمرحلة ممتازة من التقديم والاجتهاد والتميز و ليست المشكلة في التغيير بل في الثبات والمحافظة على ما وصل إليه ..

صحيح أن كل إنسان يريد أن يعيش تجربته الخاصة بالاستفادة من تجارب السابقين طبعا ولكنه لربما يعتقد في نفسه أنه أذكى،  فلن يكرر أخطاءهم بل سينجح بما لم ينجحوا به ، أحيانا حتى لو علم أنه سيخطأ ربما ذات الأخطاء فهو يريد أن "يعتمد على تجربته الخاصة" ... ومن حكمة الله عز وجل أن علِم أن الإنسان سيسلك هذا المنهج فخلق له أجواء وموارد محدودة في هذا الكوكب وتقوم بإعادة تدوير نفسها  وربما هذا سبب ثالث يفسِّر كروية الأرض بالإضافة للسببين المعروفين عند العلماء ( أحدهما يعود لنشأة الأجرام السماوية والآخر يعود لخاصية الأجسام الكبيرة عموماً وكلا السببين يحملان تفسيراً واحداً وهو أن الشكل الكروي هو أدنى مستوى طاقة يمكن للمادة أن تتشكل فيه بفعل الجاذبية المركزية ) ، فتكون كروية الأرض دليلا على التكرار  ... وتبعاً لهذا هل يكون التكرر تكرر أجيال أم تكرر حياة  ؟.

  

نور جوهر