شوقي إليكَ يقتلُ المشاعرَ برمّتِها فقد طالَ الفراق ؛ و خانني حدسي لأولِ مرّةٍ بشأنِ لقياكَ قريباً ، وراحت الأيامُ تزدادُ وتمضي دونَ بارقةِ لقاء..!

لم يعد هناكَ ما يستحقُ الاهتمام من بعدِك ؛ انتظرتُ طويلاً بألمٍ قاتلٍ وأملٍ جريحٍ ينزفُ إمنياتِ وجودِ من يشبِهك ولو قليلاً ، و باءت كل تكهّناتي و صمودي بالضياع ..

باللهِ عليكَ قُل لي ؛ هَل يجدُ القلبُ غير الذكرى يسقيها؟!..
هَل يجد السيفُ غير الغمدِ يحويه؟!..
هَل يجدُ القمرُ غير الليلِ يضيؤه؟!..
هَل يجدُ الظمآنُ غير الماءِ يرويه؟!..

هكذا أنا من بعدِك ، كل باحثٍ لا يجدُ ضالته ؛ يُشبهني!..

لايوجدُ شيءٌ يثيرُ إهتمامي... ولا فرحٌ يزيّنُ أيَامي... ولا شغفٌ يحتوي احلامي... بتّ كغيمةٍ كبيرةٍ تحجبُ النورَ وتحدثُ ظلاً ؛ بيدَ أنها لا تمطر..!

كلّ شيءٍ أراه أمامي مغلفٌ بالزيف!
لا تطل عليّ السعادة دون تعاسة!

بات الصمتُ حديثيَ الأفضل ، والحزنُ رفيقيَ الوفي ؛ لا أصدقُ احداً سواهُ فهو أبلغُ وأنقى الصادقين!

أجلْ أنا مستاءةٌ جداً ، مستاءةٌ حَدّ الجنون ، حَدّ التخلّي عن كل انجازاتي التي يقال عنها عظيمة ؛ والرحيلُ بعيداً صوب منفى !

لقد سئمتُ التبرير... سئمتُ المقاومة… سئمتُ من الجميع... السُهادُ لا يفارقُ أجفاني ، بتَ أعاتبُ الليلَ وأرميه بسهامي الغاضبة!

اسمِعُه صرخاتيَ المكتومة وأقومُ فيه بثوراتي العارمة حيث يحتدمُ الصراعُ بين قلبي وعقلي

وفي كل مرة يخسر الطرفان!

أتصدّق ذلك؟!

أجل هذا ما يحدثُ على الدوام ، لا حلولَ تُذكر .. لا هدنة .. لا هدوء .. لا استقرار ... ولا إستسلام ..!!

وحينها لا أملك غير التساؤل ؛ تُرى لِمَ لا يرحل العزيزُ مع عزيزهِ؟! أليسَ من العدلِ أن يحصلَ ذلك؟!

سحقاً.. يبدو إنني تماديتُ وقسوتُ قليلاً.. أخذني وابلُ الحديثِ الشجِي ..وغفلتُ إنني أتحدثُ إليكَ أيها العزيز ..!

أنا آسفة..آسفة حقاً لا بُدّ أنني أحزنتك ..
أشعرُ بنبضكَ قد تباطأ !

لم أكنْ أودّ إثارةَ حزنِك وإفتعال لمعة الأسى في ناظريك ، قطعاً لمْ ولنْ أحبّ ذلك ألبتة..

تعلمُ بأنّي لا أخفي عنكَ شيئاً.. وددتُ إخبارَك بما أشعرُ بهِ في الآونة الأخيرة ، فلطالما كُنتَ دقيقاً ، لا تُصدّق كل ما تسمعه ، وحتى ما تراه بعينكَ تُرجّح بأن شيئاً ما خلفه ، وَرثتُ ذلك عَنكَ إنه لطبعٌ مُتعب..!

هذا كل ما في الأمر فلا تقلق ابداً ، لستُ بضعيفةِ الإرداة، لا زلتُ أُتّهمُ بالعنجهية من قِبل من لا يعرفني حقاً ، رغم إنّي تغيّرتُ كثيراً ، فروحي كبُرت وكبريائي باتَ متواضعاً..!

لمْ اكن أعلمُ حينَ فقدِكَ بأنّ كلَّ شيءٍ سيتغيّر على هذا النحوِ العجيبِ وبهذهِ السرعة..!

ولكنني باقيةٌ كما عهدتني.. ولا زلتُ قويةً للمواجهاتِ الخارقة!
لا زلتُ إلى الآن بتلك القوةِ اليافعةِ وذاكَ العنفوانِ الغضّ... أتعلمُ لماذا؟

لأنه من أجلي أنا، أهتم بي! وفي الحقيقة هو من أجلكَ أنتَ .. تعرفُ بأنّي لم أخيِّبْ أملكَ يوماً.. أليسَ كذلك؟ و لنْ افعلَ اطلاقاً .. أنا أعدُكَ بذلك…أعدُك ...

أجلْ أعدُك .. وسأكون على ما يُرام ، كان اللهُ في عوني ولا زلتُ أحيا بفعلِ ألطافه ..

أيها العزيز ..لا تكترثْ لكلِّ ما قلته
في بدايةِ حديثِنا ؛ كُنْ مطمئناً لا شيء أهمّ مِني سواي! فقط أنا هنا واستحقُ إلاهتمام!

 

حنان حازم