حينما يُقال لك أو لكِ : أَسّس بنيان حياتك الزوجيّة على التقوى ، واظفر بذي وبذا دين وخُلق ، فهذه دعوة لتنظيم الحياة وفق تقنينات جعلية من جِهة علوية فوقية ، إنها من الله جل وعلى ، العالِم بكَ وبكِ وبكما كزوجين ، وهي تقنينات وتشريعات لصالحكما ورحمة ورأفة بكما قبل أن تكون دعوة للعبودية والتدين .
والزواج منظومة اجتماعية متكاملة ، شرعها الباري سبحانه وتعالى وأسس أسسها ووثبّت قواعدها بغاية الدقة ومنتهى التنظيم ، وكفل من خلالها لكل منكما بل ومن نتاجكما الأسري ( الأولاد ) حقوق وامتيازات وكلفه بأوامر وواجبات ؛ ولكن للأسف سجّل مؤخراً ـــ ولأسباب كثيرة ـــ تعرض الحياة الزوجية لمشاكل وهزات كثيرة ، أدت بعضها لانفصام الوشيجة الزوجية ، ورفعت معدلات الطلاق الى أرقام غير مسبوقة تعرضت من خلالها بعض الأسر للتفكك وما يستتبع ذلك من معاناة وإسقاطات سلبية
كما سجلت متابعة سلبية قد يكون لها الثر القوى في هذه التفككات ، من خلال مشاهدة جزئيات الحياة " المثالية " فيما يخص حياة الشريكين من خلال رسائل سلبية تبثها القنوات الفضائية عن طريق المسلسلات ؛ وهو ما تعكف عليه الكثير من بناتنا ، من خلال نقلهن لأجواء وردية بعيدة عن الواقع في الغالب ؛ بغية التخفيف عن نفس المتلقي ، عدا ما تحتويه من عنصر المبالغة ، وبالتالي عدم صلاحيتها ـــ المشاهد المثالية في الفضائيات ـــ كي تؤخذ كبنيان ترصّ عليه لبنات الحياة الزوجية ، سيما وأن الكثير منها يتضمن عناصر الفساد والإفساد ، وبالتالي ؛ فمن الحيف لنفسك التي كرمها الله (( وكرمنا بني آدم )) الأخذ من مشاهد تمثيلية لممثلين وممثلات في أغلبهم غير ملتزمين أصلا ؛ معايير التعامل والتعايش في حياتك الزوجية ، وترك نداء الفطرة السليمة والقانون الطبيعي والحيد عن التأسي بخيرة الخلق .
كما ان شدة الانجذاب لهذه البرامج ، قد تولد تأثّراً بها ؛ وبالتالي تُنتِج مفاهيم معكوسة كعدم الرضا مع من العيش مع الشريك ! والتحسر على الحال ! وندبه ! وفي هذا تأسيس لمعيشة ضنكا .
وما دمنا نتفق على أن لا كمال إلا لمن اصطفى الله واجتبى ؛ فهذا يعني ان النقص الذي تراه في الشريك ، يرى غيره من النقص فيك ، والكمال الذي تراه في غيره ليس كمال مطلق ، بل علِمت شيئاً وغابت عنك أشياء كنتاج لعدم العِشرة التي لا يُلحظ النقص إلا من خلالها ، ومن لديه سلبيات بالتأكيد لديه إيجابيات ولو كانت نزراً يسيراً فغض الطرف عن خطأ الشريك فضيلة ، وإن كان ذلك مران ينشئ مع أيام الزواج الأولى ، فسيكون له الأثر البالغ في تقليل التوتر وتذويب فكرة الانفصال ، لذا فلزاما عليكما عدم الانسلاخ من الفطرة والدين ، وضرورة الاقتناع برزق الله جل شأنه ، من خلال حجب العين ما متع الله به أزواجاً منهم ، فقناعة الشريك بشريكه مصدر حب لا يفنى .
هذا بعض من كثير إلا أنه قد يجنبك من أن تكون رقماً من أرقام الإحصائيات المخيفة للطلاق !
زهراء حسام
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري