لو قدر لك أن تسكني مع أم زوجك تحت سقف واحد ، ماذا سيكون ردك ؟ وهل توافقين ان تسكني معها ؟
تعددت الامثال والاقوال حول العمة والكنة في المجتمع الشرقي ، حتى ان بعض النساء بتن في مرمى سوء الظن مطلقا بأهل الزوج ، ويتجنبن السكن معهم ، خشية الوقوع في المشاكل ، وعدم السيطرة في تربية الابناء ، وربما يعد ذلك بالنسبة للبعض منهن تقييد للحرية ... الخ ، والبعض منهن يجعلن السكنى بشكل مستقل عن اهل الزوج شرط لقبوله .
ان علاقة الزوجة بأهل زوجها علاقة خاصة ، تؤثر بشكل كبير وفعال في علاقتها بزوجها , فكلما أحس الزوج بالتقارب بين زوجته وأهله كلما أحس بالسكينة والسعادة , بينما إذا أحس بالتباعد والكراهية ، يضيق صدره وتكثر همومه ، ويضيع الكثير من وقته محاولا التقريب بين أمه وزوجته ، بينما هو يقرب والام والزوجة تبعد والعكس كذلك ، مما يجعل لذلك تأثريا سلبيا على حياته العامة والخاصة ، سواء كان في عمله أو في سلوكياته أو حتى علاقته بالمجتمع .
لذا ـ اعلمى عزيزتي ـ أن المشاكل العائلية هي من روتينيات الحياة الزوجية حتى أن جداتنا قد وصفن ذلك بأنه " ملح الحياة " ، لذا ، فأن مغادرتها ونشدان الحياة المثالية ضربا من خيال ، كما أن الزوجة الذكية هي تلك التي تروض هذه المشاكل وتفض الخلافات في وقتها .
عزيزتي الزوجة ... عليكِ ان تعاملي أهل زوجك كما تحبين ان يتعامل زوجك مع اهلك ، وأعلمي ان تعاملك بصدق على أنهم أهلك ، وقتها ترضين باي طريقة لحل الخلاف معهم ، مهما كان الأمر ، وابعدي الفرضية المعاكسة كونهم ليسوا بأهلك وليس من واجبك مراعاتهم ، لأن ذلك سيوسع الفجوة بينك وبينهم ، وغالبا ما تكون النتيجة فقدان استقرار الحياة الزوجية ، فضلا عن نفور الزوج .
واعلمي ان المرأة الواعية هي التي تحترم الجميع ، والأولى باحترامها هي أم زوجك ، فلا تفكري بتغير مكانة أم زوجك في قلب ولدها ، لئلا تتحصلي عقاب الله تعالى ، ولا تنسي بأنك ستصبحين اما ذات يوم .
ولا تنزعجي لو امتدح زوجك أمه امامك على سبيل الدوام سيما في موارد طبخها وتربيتها وحسن نظافتها ، وتقبلي ذلك بنفس طيبة ، فأنت أيضا تحبين أمك وتتحدثين عن أخلاقها وتعاملها و طبخها بمنتهى الفخر ، فلماذا تقبلين على أمك وترفضينه على أم زوجك؟
والتزمي حسن معاملة زوجك وعنايتك ببيتك وأبنائك ، لأنك ذلك مما يطيب نفس أم زوجك ويرضيها عنك ويجعلها تفتخر بك وتدعو لك .
ورددي أثناء الكلام النداء الذي تحب أن تناديها به ، مثل ( يا امي ... يا خالتي ... يا عمتي ) فالكلمة الطيبة صدقة سيما اذا كانت بصيغة الدعاء كـ " الله يرضى عليك ـ الله يعطيك العافية ـ الله يخليك لنا .
و لا تنزعجي لو استشار زوجك امه في كل صغيرة وكبيرة لأن ذلك فترة وستقضى ، وشاوري أم زوجك في بعض القرارات الأسرية خاصة إذا كانت ذات رأي سديد سيما في قصايا ولادة طفل جديد مثلا او شراء بيت ، واستشيريها في بعض الأمور حتى البسيطة منها التي الخيار فيها لا مشكلة فيه ، مثلا اختيار لون السجاد، فذلك مما يجعلها تزهو بك وتفتخر بذوقها في اختيارك .
وتذكري ان من الطبيعي أن تشعر أم الزوج بالغيرة من زوجة ابنها التي أخذته منها ، لكن من غير الطبيعي أن تشعر الزوجة بالغيرة .
ولا تنسي ان تلازميها اذا مرضت بالسؤال والزيارة ولو تطلب الأمر الاستقرار عندها لفترة ـ وترك منزلك دون الإخلال بواجباتك الأخرى طبعا ـ كما تفعلين ذلك عند تمرض والدتك .
قواعد السعادة :
- كوني دائمة السؤال عن أم زوجك ، وأشعري أخواته أنك واحدة منهن، ولا تتكبري أو تتعالي عليهن ، وكلي من مائدتهن ، واجلسي معهن ، وتسوقي بصحبتهم ، ليرتاحوا لك ، ويندمجوا معك ، وإن كن لا يفضلن تواجدك ، فلا تفرضي نفسك عليهن ، ولا تتحاملي على قرارهن ، بل تعاملي مع الأمر بكل بساطة ، فكل انسان من حقه أن يقرر اسلوب حياته ، واحرصي دائما على تذكيره بضرورة التواصل والسؤال عنهم وتفقد احوالهم وتلبية رغباتهم والحرص على زيارتهم بصورة مستمرة ، وتأكدي أن هذه التصرفات تزيدك جمالا وتألقا في نظر زوجك وتجعلينه يفعل المستحيل كي لا يخسر زوجة حنونة مثلك .
- تذكري وقدّري أن أم زوجك قد دفعت الكثير من عمرها في إعداد زوجك الذي هو ولدها ، فهل يعقل أن تحرم من تذوق مائدة طيبة عامرة استغرق إعدادها منها عشرين أو ثلاثين عاما ؟ هل يعقل أن يكون أول ما تفعله أية زوجة منذ دخولها بيتها هو أن تحاول التفريق بينه وبين أمه وأخوته ؟
- لا تتحدثي بالسوء عن زوجك أمام أهله ، حتى لو تحدثوا عنه بالسوء ، فلا تشاركيهم الحديث ، واكتفي بالاستماع ، كما لا تعلقي على الأمر ولا تنتقديهم .
- كوني دائما اول من يشاركهم بمناسباتهم السارة والحزينة , بل واجعليهم دائما يحسون بتواجدك ، ويفتقدونك في غيابك ، فيحسون أنك واحدة منهم ولست ضيفه للزيارة والمناسبات وتغادر بعد انتهاء المناسبة .
- قدمي لهم المساعدة من حين لأخر ، وافعلي ما يحتاجونه من طلبات في بعض الأمور المتعلقة بهم فتجعليهم يحسون بأن من دخلت عليهم هي ابنتهم وليست كنة لهم ، فما المانع في أن تدخلي عليهم فتعرضي على حماتك مساعدتها في المطبخ أو تنظيف المنزل أو ترتيب الأغراض في البيت أو ما شابه من تلك الأمور التي لن تقلل من شأنك عندهم أو عند نفسك بل تجعلهم ينظرون لك شاكرين على خدمتك لهم .
- حاولي قدر المستطاع أن تبعدي نفسك عن أية خلافات تنشب بين زوجك وأهله , بل تمسكي بكونك طرفا محايدا يحاول التقريب بين الطرفين باستخدام الملائم من الكلمات لتوضيح وجهات النظر والبعد كل البعد عن إثارة المشاكل وإشعال نار الخلافات بين الطرفين ، واعلمي جيدا أن زوجك مهما طال الأمر فإنه لن يستغنى عن أهله ولا هم سيستغنون عنه وحينما تعود المياه إلى مجاريها الطبيعية فلن يتذكروا حينها سوى تدخلك بالأمر وما قلتيه من كلام أثناء خلافه معهم .
- احذري كل الحذر أن تلومي زوجك أو توبخيه على خدمته لأهله أو مساعدته لهم في حياتهم الخاصة واعلمي جيدا أنه وما يملك ملك لوالديه وخدمتهم عليه واجب حتمي عليه مهما كانت ظروفه .
- كوني شديدة الحرص على كتمان أسرار عائلة زوجك وعدم التحدث بشأنها أمام أي أحد حتى وان كانت والدتك نفسها , فلكل بيت أسراره ومميزاته وعيوبه , واعلمي أنهم طالما أطلعوكِ على سر من أسرارهم فإنهم يعتبرونك منهم وأنك بإذاعتهم لأسرارهم فإنهم لن يأمنوك على شيء بعدها حتى ولو كان تافها وحينها لو صادفت ودخلتي عليهم وهم يتحدثون في أمورهم الخاصة فإنهم إما سيتوقفون عن الكلام أو يغيروا موضوعهم إلى موضوع أخر مختلف تماما عما كانوا يتكلمون فيه .
- احرصي أشد الحرص على أن تتعاملي معهم ببساطة دون كلفة أو تعالي ، وحاولي دائما التأقلم معهم في عاداتهم وأساليبهم في الحياة والمعيشة , وفي نفس الوقت تجنبي تماما التهكم عليهم أو استخدام أسلوب ساخر في الحديث عما يفعلونه وأنت غير راضية عنه .
- تزيني دائما أمامهم ، لكن لا تبالغي، واهتمي بنظافتك ، وحسن طلتك ، وبابتسامة مشرقة ، ولا تكوني نكدية أو عصبية ، ولا تصرخي على أولادك أمامهم ، واهتمي بنظافة أولادك وترتيب مناظرهم وتربيتهم .
- اعتبريها أمك الثانية وراعي أنها تستحق الاحترام حتى لو لم تكن أم زوجك لحديث ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا ) .
- تخلصي من الأفكار السلبية التي تدور حول رغبتهم في التخلص منك ، أو إيذائك، وأفتحي صفحة جديدة معهم وضعي دائما نصب عينيك أن ما تقدمينه سوف تجدينه لاشك في أبنائك وزوجاتهم وعند الله وما عند الله خير وأبقى .
- قدمي لها الهدايا بالمناسبات كما ورد في الحديث ( تهادوا تحابوا ) .
واعلمي ان الحياة قصيرة جدا ، فلا تضيعها بالمشاكل والاقوال ، وبر زوجك لامه هو بر اطفالك لك ، فاختاري أفضل الطرق واقصرها للوصول لقلب أم زوجك ، ولا تسمعي لأقوال والأمثال فكلها تعكس آراء أصحابها .
وأخيراً كوني لها مرجعا في الأمور الدينية إن كنت ذات علم أو تفقه ، وساعديها على حفظ الأذكار وسور القران ، وحاولي أن تكتبيها لها بخط كبير وملون حتى تستأنس بالقراءة ، وذكريها ببعض الأعمال العبادية كالأغسال والأعمال والمستحبات ، لتدعو لك ومن منا لا يحتاج إلى دعوة صادقة .
مروة حسن الجبوري
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري